صوت شئ ورأيت السبع قد خلاني ومضى ففتحت عيني فإذا الذي سمعته صوت خنزير، وإذا السبع لما رآه عن له أن يتركني ومضى فصاده وبرك عليه يفترسه، وأنا أشاهده إلى أن فرغ منه ثم رجع السبع من الأجمة وغاب عن عيني فسكنت وتأملت حالي فوجدت مخالبه قد وصلت إلى فخذي قليلا، وقوتي قد عادت فقلت: لأي شئ جلوسي فقمت أتسحب في الأجمة أطلب الطريق فإذا بجيف ناس وبقر وعظام بالية وأثر من افترسهم الأسد فما زلت أتخطاها حتى انتهيت إلى رجل قد أكل الأسد بعض جسده وبقى أكثره وهو طري وفى وسطه هميان قد تخرق بعضه وظهرت منه دنانير فتقدمت فجمعتها وقطعت الهميان، وأخذت جميع الدنانير وتتبعتها حتى لم يفتني منها شئ وقويت فضل قوة فأسرعت في المشي وطلبت الجادة فوقفت عليها وأقمت أمشى إلى بعض القرى، واستأجرت حمارا وعدت إلى بغداد ولم أمض إلى الزيارة لأني خشيت أن تسبقوني وتذكروا خبري فيصير عند عيالي مأتم فسبقتكم وأنا أعالج فخذي، وإذا من الله عز وجل بالعافية عدت إلى الزيارة. وحدثني بهذا الحديث غير واحد من أهل بغداد * حدثني أبو جعفر أصبغ بن أحمد بن شبح وكان بحجب أبا محمد المهلي رحمة الله عليه قبل وزارته. فلما ولى الوزارة كان يصرفه في الاستحثاث على العمال، وفى الأعمال التي يتصرف فيها العمال الصغار قال: كنت بشيراز مع أبي الحسن علي بن خلف بن طبات وهو يتولى عمالتها يومئذ، فجاء مستحثا من الوزير يطالبه بحمل الأموال. وكان أحد الغلمان الأكابر قد كوتب باكرامه فأحضره أول يوم طعامه وشرابه فامتنع من مؤاكلته وذكر أن له عذرا. فقال: لابد أن تأكل. فأكل بأطراف أصابعه ولم يخرج يده من كمه وكاد كمه يدخل في الغضائر ويناله الغمر، فلما كان في غد قال علي بن خلف: ليدعه كل يوم واحد منكم فكانوا يدعونه ويدعون بعضهم بعضا. فتكون صورته في الاكل واحدة فنقول: لعل به برصا أو جذاما إلى أن بلغت النوبة إلى فدعوته ودعوت الحاشية وجلسنا نأكل وهو يأكل معنا على هذه الصورة فسألته إخراج يده والانبساط في الاكل فامتنع من إخراج يده. فقلت له: يلحقك تنغيص بالاكل هكذا فأخرجها على أي شئ
(٢٩١)