شرابا أنا وهي وغنى لنا أولئك الوصائف وقمنا إلى الفراش فدخلت معها وافتضضتها وبت بليلة من ليالي الجنة ولم نفترق أسبوعا ليلا ونهارا إلى أن انقضت وليمة الأسبوع وكانت عظيمة فاخرة. فلما كان من الغد قالت: إن دار الخلافة لا تحتمل المقام فيها أكثر من هذا، وما تم لاحد أن يدخل فبها بعروس غيرك، وكل ذلك بعناية السيدة وقد أعطتني خمسين ألف دينار من عين، وورق وجوهر وقماش، ولى خارج القصر أموال وذخائر وكلها لك فاخرج وخذ معك مالا واشتر لنا دارا عظيمة حسنة واسعة الصحن فيها بستان كبير كثيرة الحجر، ولا تضيق على نفسك كما تضيق نفوس التجار فانى ما تعودت السكن إلا في الصحون الواسعة واحذر أن تبتاع شيئا ضيقا فلا أسكنه وإذا تم البيع فأصلحها ونظفها وعرفني لأنقل إليك مالي وانتقل. فقلت: أفعل كما تأمرين. فسلمت لي عشرة آلاف دينار فأخذتها وخرجت وآتيت داري فانهال الناس على واعترضت الدور حتى ابتعت ما وافق اختيارها، وكتبت إليها بالخبر، فنقلت إلى تلك النعمة بأسرها، وعندي ما لم أظن أنى أراه فضلا عن أن أملكه، وأقامت عندي كذا وكذا سنة أعيش معها بعيش الخلفاء، وأتجر في خلال ذلك لان نفسي لم تسمح بترك الصنعة وابطال المعيشة، فتزايد مالي وجاهي، وولدت لي هؤلاء الشبان، وأومى إلى أولاده، وماتت رحمها الله وبقى على مضرة الداجيراجة أنى لا آكلها إلا غسلت يدي أربعين مرة.
وجدت في بعض الكتب أن عيسى بن موسى الهاشمي كان يحب زوجته حبا شديدا فقال لها: أنت طالق إن لم تكوني أحسن من القمر فنهضت واحتجبت عنه وقالت: قد طلقتني وباتت بليلة عظيمة فلما أصبح عدا على المنصور وأخبره الخبر وقال له: يا أمير المؤمنين ان تم على طلاقها تلفت نفسي عنها، وكان الموت أحب إلى من الحياة، وأظهر للمنصور جزعا شديدا. فأحضر المنصور الفقهاء واستفتاهم؟ فقال جميع من حضر: قد طلقت إلا رجلا واحدا من أصحاب أبي حنيفة رضي الله عنه فان سكت،