وذكر القاضي أبو الحسين في كتابه بإسناده عن الفضل بن عياض قال:
حدثني رجل أن رجلا خرج بغزل له فباعه بدرهم ليشترى به دقيقا فمر على رجلين كل واحد منهما آخذ برأس أخيه، قال: ما هذا؟ قال يصطخبان في درهم فأعطاهما ذلك الدرهم وليس له شئ غيره. فجاء إلى امرأته فأخبرها فجمعت له شيئا من البيت فذهب يبيعه فكسد عليه فمر عليه رجل ومعه سمكة قد اروجت. فقال له: إن معك شئ قد كسد ومعي شئ قد كسد فهل لك أن تبيعني هذا بذاك؟ فبايعه، وجاء الرجل بالسمكة إلى البيت فقامت المرأة تصلحها، وإذا بلؤلؤة في جوفها، فقالت له: أتعرف قدر اللؤلؤة؟
قال: لا. ولكن أعرف من يعرفه، فانطلق بها إلى صديق له وهو في سوق الجوهر، وقال: بعها لي. قال لك بها على أربعون ألف، وإن شئت فاذهب بها إلى فلان فهو أثمن لك بها منى. فذهبت بها إليه فقال: لك بها ثمانون ألفا وإن شئت فاذهب إلى فلان فهو أثمن لك بها منى. فذهبت إليه فقال: لك بها مائة وعشرين ألفا. ولا أدرى أحدا يزيدك. قال: فحمل لي اثنى عشر بدرة في كل بدرة عشرة آلاف درهم. فذهب بها إلى منزله ليضعها فيه فإذا رجل في الباب يسأل.
فقال: هذه قصتي التي كنت عليها أدخل. فدخل فقال له: خذ نصف هذا المال. فأخذ الرجل الفقير ست بدر ثم تباعد غير بعيد، ورجع إليه وقال:
ما أنا بمسكين ولا فقير. ولكن أرسلني إليك ربك تعالى الذي أعطاك بالدرهم عشرين قيراطا فهذا الذي أعطاك قيراط وادخر لك الباقي * وذكر أبو الحسين القاضي في كتابه القرطبلي: كان في جيراني رجل من أهل البيوتات، وكانت له نعمة فزالت له وساءت حالته، وكانت له زوجة وأربع بنات فحملت زوجته، وأخذها الطلق في الليل. قال: فلم يكن لي حيلة شئ في الدنيا فخرجت ليلا هاربا على وجهي أمشى حتى أتيت جسر النهروان فأملت أن ألقى عاملها وكان يعرفني فاسأله تصريفي في شئ. وتعجيل رزقه ببعض الشئ لانفذه إلى زوجتي، فوصلت إلى الموضع، وقد ارتفع النهار فجلست أستريح بالقرب من يقال فإذا برجل قد جاء، ووضع مخلاته وعصاه ثم قال: اعطني كذا وكذا من خبز وآدم فأعطاه فأكل ووزن له الثمن ثم فتح مخلاته ففضها وميز