ثياب ودنانير. فلما سرت عدة فراسخ لحقني المساء، فإذا بدير عظيم فيه راهب في صومعة فنزل واستقبلني، وسألني المبيت عنده، وأن يضيفني ففعلت فلما دخلت الدير لم أجد فيه غيري، فأخذ دابتي وطرح لها شعيرا، وعزل رحلي في بيت، وجاءني بما جاد، وكان الزمان شديد البرد، وأوقد بين يدي نارا، وجاءني بطعام طيب من أطعمة الرهبان. فأكلت ونبيذ فشربت، ومضت قطعة من الليل فأردت النوم، وقلت أدخل المستراح فسألته عنه فدلني على طريقه، وكنا في غرفة فمشيت فلما سرنا على باب المستراح فإذا بادية مطروحة فلما صارت رجلاي عليها خلت ونزلت، فإذا أنا في الصحراء وإذا البادية كانت مطروحة على غير سقف، وكان الثلج سقط تلك الليلة سقوطا عظيما فصحت، وقدرت أن ذلك تم من غير قصد فما كلمني فقمت، وقد جرح بدني إلا أنى سالم فجئت وتظللت بطارق باب الدير من الثلج فما وقفت فيه حينا حتى رأيت فيه برابخ من فوق رأسي قد جاءتني منها حجارة لو تمكنت من دماغي لطحنته، فخرجت أعدو وصحت به فشتمني فعلمت أن ذلك من حيلته طمعا في رحلي، فلما خرجت وقع الثلج على فعلمت أنى تالف إن دام ذلك فولد لي الفكر أن طلبت حجرا فيه ثلاثون رطلا فوضعته على عاتقي وأقبلت أعدوا في الصحراء وهو على عاتقي شوطا حتى إذا تعبت وحميت وجريت عرقا طرحت الحجر وجلست أستريح، فإذا نالني البرد أخذت الحجر وعدوت حتى أبلغ خلف الحصن فأجلس من حيث يقع لي أن الراهب لا يراني، فإذا أحسست بأن البرد قد بدا يأخذني تناولت الحجر وسعيت من الدير إلى ذلك الحصن، وأنا على هذا إلى الغداة، فلما كان قبل طلوع الفجر، وأنا خلف الدير سمعت بحركة بابه فتخفيت فإذا بالراهب قد خرج فجاء إلى موضع سقوطي فلما لم يرني. قال وأنا أسمعه: يا قوم ما فعل المشؤوم؟ أظنه قد رأى بقربه قرية فقام يمشى إليها كيف أعمل فاتني سلبه، وأقبل يمشى يطلب أثرى فخالفته أنا إلى باب الدير، وكان في وسطى سكين فوقفت خلف الباب فطاف ولم يبعد فلما لم ير لي أثرا عاد ودخل، فحين بدأ برد الباب ثرت به فقضبت عليه، ووجأته بالسكين وصرعته فذبحته وأغلقت باب الحصن، وصعدت الغرفة فاصطليت
(٢٦٧)