ركبتا عمر تصطكان. فقلت إن رأى أمير المؤمنين أن يسأله عن ذنبه فلعله أن يخرج منه بعد لعذر. فقال له يا ابن الفاعلة: أمرتك في ولد أبى طالب أن تعرف خبر منازلهم؟ قال: لا. قال: فلم فعلت. فقال عمر: إنما فعلت ذلك لأنه بلغني عن واحد منهم أن أصل قوم يكاتبونه، فأردت أن أعرف ما في الكتب الواردة عليه. وجعل عمر في خلال ذلك يلتمس البساط الذي كان تحت المعتصم فزاد ذلك في غضبه. وقال يا ابن الفاعلة: ما شغلك ما أنت فيه عن لمس البساط كأنك غير مكترث بما أريده منك؟ فقال: لا والله أمير المؤمنين، ولكن العبد يعنى من أمر سيده بكل شئ على جميع الأحوال، وإني ما استحسنت هذا البساط لأنه ليس من بسط الخلافة. فقال له ويلك: هذا البساط ذكر محمد بن عبد الملك أنه قام علينا بخمسين ألف درهم. فقال يا سيدي: عندي خير منه بسبعمائة دينار. قال: فذهب عن المعتصم والله ذلك الفور الذي كان به وسكن غضبه وقال: وجه الساعة من يحضره. فجاء البساط وما كان قد قام عليه فيما أظن بأكثر من ثلاثة آلاف دينار فبسط واستحسنه المعتصم واستلافه وقال: هذ والله أحسن من بساطنا، وأرخص، وقد أخذناه منك بما أقام عليك، ووالله ما برح ذلك اليوم حتى نادمه وخلع عليه * قال وأخذ مصعب ابن الزبير رجلا من أصحاب المختار فأمر بضرب عنقه فقال أيها الأمير: ما أقبح بك أن أقوم يوم القيامة إلى صورتك هذه الحسنة، ووجهك هذا الجميل الذي يستضاء به فأتعلق بك ثم أقول يا رب سل هذا فيم قتلني؟ قال: قد عفوت عنك. قال أيها الأمير:
اجعل ما وهبت لي في حياتي في خفض فإنه لا عيش لفقير. فقال: ردوا عليه عليه عطاءه، وأعطوه مائة ألف درهم. فقال: أشهد الله أنى قد جعلت نصفها لابن قيس الرقيات. قال: ولم قال لقوله:
إنما مصعب شهاب من الله * تخلت عن وجهه الظلماء ملكه ملك رحمة ليس فيه * جبروت ولا به كبرياء يتقى الله في الأمور وقد أفلح * من كان همه الاتقاء