في كتاب اللصوص عن بعضهم. قال: إن هؤلاء التجار لم تسقط عنهم زكاة الناس لأنهم منعوها وتجردوا فتركت عليهم فصارت أموالهم بذلك مستهلكة واللصوص فقراء إليها، فإذا أخذوا أموالهم وإن كره التجار أخذها كان ذلك لهم مباحا لان عين المال مستهلكة بالزكاة وهم يستحقون أخذ الزكاة شاء أرباب الأموال أو كرهوا. فقلت بلى: قد ذكر ذلك الجاحظ ولكن من أين يعلم أن هؤلاء استهلكت الزكاة أموالهم. فقال: لا عليك أنا أحضر هؤلاء التجار الساعة وأريك بذلك دليلا صحيحا أن أموالهم لنا حلال، ثم قال لأصحابه هاتوا التجار فجاؤوا، فقال لأحدهم منذ كم تتجر في هذا المال الذي قطعناه عليك. قال: منذ كذا وكذا سنة. قال: فكيف كنت تخرج زكاته فتلجلج وتكلم بكلام منه لا يعرف الزكاة على حقيقتها فضلا عن أن يخرجها، ثم دعى بآخر. وقال له: إذا كان معك ثلاثمائة درهم وعشرة دنانير وحال عليك الحول فكم تخرج منها للزكاة فما أحسن أن يجيبه. ثم قال للآخر: إن كان معك تجارة ولك دين على نفسين، أحدهما ملى والآخر معسر ومعك دراهم وكان الحول حال على الجميع كيف تخرج الزكاة. قال: فما فهم السؤال فضلا عن أن يتعاطى الجواب. فصرفهم. ثم قال لي: بان لك صدق حكاية أبى عثمان الجاحظ، وان هؤلاء التجار ما زكوا قط. خذ الآن الكيس. قال: فأخذته وساق القافلة ليتصرف فيها. فقلت: إن رأيت أيها الأمير أن تنفذ معي من يبلغني المأمن كان لك الفضل ففعل ذلك ونجوت من أذاه.
حدثني أبي رحمة الله عليه. قال: لما كنت مقيما بالكرخ أتقلد القضاء بها وبالمرج وأعمالها كان معي رجل له ابن صبي فأقام معي أبوه عشر سنين، وكان ذلك الصبي يدخل داري ويمرح مع غلماني وأهب له في بعض الأوقات الدراهم والثياب وأحمله وأرقصه كما يفعل الناس بأولاد غلمانهم، ثم صرفت عن الكرخ ورحلت ولم أعرف للرجل ولا لابنه خبرا حتى مضت السنون، فأنفذني أبو عبد الله اليزيدي من واسط برسالة إلى أبى بكر بن رائق فلقيته