لوعد كان على فيه وكانت الريح قوية وبين يدي بأذرع رجل يمشى، فلما بلغنا دار رياح قلعت الرياح ستر آجر وجصا على رأس حائط فرمت بها عليه فلم أشكك في اتلافه، وارتفعت غبرة عظيمة أفزعتني فرجعت، فلما سكنت عدت أسلك الطريق، ولم أر الرجل فعجبت وتممت طريقي حتى دخلت مسجد الزيادتين فرأيت أهل المسجد مجتمعين فحدثتهم بما رأيت في طريقي متوجعا للرجل وشاكرا لله تعالى سلامتي. فقال رجل منهم يا أبا الخطاب:
أنا الذي وقعت على السترة وذاك أنى قصدت هذا المسجد لما وعدت، فلما سقطت السترة ولم أحس لها بضرر لحقني ووجدت نفسي سالما قائما فحمدت الله تعالى، وتحيرت ووقفت حتى انجلت الغبرة، فتأملت الصورة فإذا في السترة باب كبير وقد اتفق أن وقع رأسي وسائر جسدي في موضع الباب فخرجت منه وسقطت باقي السترة حوالي فلم يضرني شئ فتخطيت على المنهدم وسبقتك إلى هاهنا * وحدثني: أن الفتح بن خاقان اجتاز على بعض القناطر وهو متصيد وقد انقطع عن عسكره وانخسفت القنطرة من تحته فغرق فرآه اكار وهو لا يعرفه فطرح نفسه عليه وخلصه، وقد كان أن يتلف ولحقه أصحابه فأمر للاكار بمال عظيم وتصدق بمثله فدخل عليه البحتري فأنشده قصيدته التي أولها:
* متى لاح برق أو بدا طلل قفر * إلى أن قال:
لقد كان يوم النهروان عظيمة * أطلت ونعما جرى بهما الدهر أجزت عليه عابرا فتشاعبت * أواديه لما أن طغى فوقه البحر وزالت أواخر الجسر وانهدمت به * قواعده الظلماء وما ظلم الجسر فما كان ذلك الهول إلا عناية * بدا طالعا من تحت ظلمانها البدر فان ننس نعمى الله فيك فحظنا * أضعنا وأن نشكر فقد وجب الشكر فقال له الفتح: الناس يهنونا بنثر وأنت بنظم وأجزل صلته.
وحدثني أبي بكر محمد بن عبد الله الرازي المعروف بابن حمدون، عن الحسن بن محمد الأنباري الكاتب. قال: كان لي أيام مقامي بارجان رجل