فإنني أتلف قلت له تتلف أنت أهون من أن أتلف أنا. قال فأخرجني وأعطيك أمانا واستوثق منى بالايمان أنى لا أتعرض لك بسوء أبدا واذكر الحرمة التي بيننا. قلت: لم ترعها أنت وأيمانك فاجرة لا أثق بها في تلف نفسي فأخذ يكرر الكلام. فقلت لا تهذي هو ذا اركب دابتك واجنب حماري والوعد بيننا عبد أيام هاهنا، فلا تبرح حتى أجئ وإن احتجت إلى طعام فعليك بجيف العلوج فنعم الطعام لك وأخذت أهوا به في هذا القول وأخذ يبكى ويستغيث ويقول قتلتني والله. فقلت: إلى لعنة وركبت دابته وجنبت دابتي ووجدت على دابته خرجا فيه ثياب يسيرة فجئت إلى نصيبين فبعث الثياب وكانت دابته شهباء فصيرتها أدهم وبعته لئلا يعرف صاحبه فأطالب بالرجل واتفق أنه اشتراه رجل من المحتاجين وكفيت أمره وانكتمت القصة.
فلما كان أكثر من سنة عرض لي خروج إلى رأس العين فخرجت في ذلك الطريق فلما لاح لي الناووس تذكرت فقلت اعدل إلى الناووس وانظر إلى ما صار إليه أمره فجئت إليه فإذا بابه كما تركته ففتحته ودخلته فإذا أنا بالاعرابي وقد صار رمة فلا زلت أحمد الله عز وجل على السلامة ثم حركته برجلي وقلت على سبيل العبث ما خبرك يا فلان فإذا بصوت شئ يتخشخش ففتشته فإذا هميان فأخذته وأخذت سيفه وخرجت ففتحت الهميان فإذا فيه خمسمائة درهم وبعت السيف بعد ذلك بجملة دراهم.
حدثني أبو المغيرة محمد بن يعقوب بن يوسف الشاعر البصري قال حدثني أبو موسى عيسى بن عبد الله البغدادي. قال: حدثني صديق لي قال: كنت قاصدا الرملة وحدي وما كنت دخلتها قط فانتهيت إليها وقد نام الناس ليلا فعدلت إلى المقبرة ودخلت بعض القباب التي على القبور فطرحت درقة كانت معي واتكأت عليها وعلقت سيفي واضطجعت أريد النوم لادخل البلد نهارا فاستوحشت من الموضع وأرقت فلما طال أرقي أحسست بحركة فقلت لصوص يجتازون وإن تصديت لهم لم آمنهم ولعلهم يكونون جماعه ولا أطيقهم فانعزلت بمكاني ولم أتحرك وأخرجت رأسي من بعض أبواب القبة على