إلى أبواب اسحق فما شعرت إلا وإسحاق نفسه في خيله ورجله قد أحاط بالدار ثم كبسها فاستخرجني منها حتى أوقفني بين يدي المأمون حافيا حاسرا فلما رآني سجد طويلا ثم رفع رأسه فقال يا فضل: أتدري لم سجدت قلت شكرا لله على ظفرك بعدوك وعدو دولتك والمغرى بينك وبين أخيك قال ما أردت هذا ولكن سجدت شكرا على ما ألهمنيه من العفو عنك. فحدثني بخبرك فشرحته له من أوله إلى آخره فأمر بإحضار المرأة مولاتي وكانت في الدار تنتظر الجائزة فقال: ما حملت على ما فعلت مع انعامه وإنعام أهله عليك قالت رغبة في المال. قال هل لك ولد، أو زوج، أو أخ؟ قالت لا فأمر بضربها مائتي صوت وتخليدها في الحبس ثم قال لإسحاق أحضر الساعة الجندي وامرأته والمزين فاحضروا في المجلس فسأل الجندي عن السبب الذي حمله على فعله فقال الرغبة في المال ووالله أنه الذي أثبتني في الجيش ولكني رغبت في المال العاجل فقال أنت بأن تكون حجاما أولى بك من أن تكون من أوليائنا وأمر بأن يسلم للمزينين في الدار ويوكل به من يعسفه حتى يتعلم الحجامة وأمر باستخدام زوجته على قهرمة دور حرمه وقال هذه امرأة عاقلة دينة وأمر بتسليم دار الجندي وقماشه إلى المزين وإن يجعل رزقه له ويجعله جنديا مكان ذلك الجندي، واطلقني إلى داري فرجعت إليها آخر النهار آمنا مطمئنا: ووجدت هذا الخبر بخلاف هذا في " كتاب الوزراء " لابن عيدوس فإنه ذكر أن الفضل ابن الربيع استتر فطال استتاره واستعجمت عليه الاخبار فغير زيه وخرج في السحر وكان استتر بناحية الخربية من الجانب الغربي فمشى وهو لا يدرى أين يقصد لحيرته وبعد عهده بالطرق فأداه المشي إلى الجسر وقد أسفر الصبح فأيقن بالعطب وقصد منزلا لرجل كانت بينه وبينه مودة بسويقة نصر، فلما صار صار ببعض المشارع سمع النداء عليه ببذل عشرة آلاف درهم فتخفى حتى جاوزه الركبان والمنادى ومشى فرآه رجل فانتبه له وقال يا فضل وكان في أحد جانبي الطريق الذي الفضل فيه فأمه إلى الجانب الذي كان فيه ليقبض عليه فاعترضته حمير وجمال عليها جف ونظر الفضل يمينا وشمالا فلم يجد مذهبا وبصر بدرب فدخله فوجده لا ينقذ ووجد في صدره
(٣٥٨)