وجد شريعة فنزل منها إلى الماء، وأقبل يسبح ليعبر فقلت في نفسي:
ما قعودي؟ لئن لم أتخلص هنا ما تخلصت أبدا فما زلت أرفق حتى خلصت شعره من أفواه جراحاتي وسقطت وسبحت منحدرا وأقبل الأسد يشق الماء عرضا فبينما أنا أسبح نظرت جزيرة فقصدتها وحصلت فيها وقد بطلت قوتي وذهب عقلي وطرحت نفسي عليها كالتلف فلم أحس إلا بحرارة الشمس قد نبهتني فرجعت أطلب شجرة رأيتها في الجزيرة لاستظل بها فرأيت السبع مقعيا على ذنبه بشاطئ الفرات فقل فزعي منه، وأقمت مستظلا بالشجرة أشرب من ذلك الماء إلى العصر فإذا أنا بزورق منحدر فصحت به وحلفت لهم أن ما بالجزيرة أحد سواي، وأومأت لهم إلى الأسد وقلت لهم: قصتي ظريفة طويلة وأن تجاوزتموني كنت أنتم قد قتلتموني فالله الله في. فرقوا لي ودخلوا إلى يحملوني فلما صرت في الزورق ذهب عقلي فما أفقت إلا في اليوم الثاني فإذا على ثياب نظاف، وقد غسلت جراحاتي وجعل فيها الزيت وأدوية وأنا بصورة الاحياء فسألني أهل الزورق عن حالي فحدثتهم وبلغنا إلى هيت فأنفذت إلى العامل من عرفه خبري فبعث لي من يحملني إليه فتوجع لي وقال:
ما أظن أنك أفلت فالحمد لله. فحدثته كيف نجيت فعجب وقال: بين الموضع الذي قطع عليكم وبين الموضع الذي حملك أهل الزورق منه مشاق أربعين فرسخا على غير محجة. فأقمت عنده أياما، ثم أعطاني نفقة وثيابا وزورقا فجئت إلى بغداد فكنت أتعالج عشرة أشهر حتى صرت هكذا ثم خرجت وقد افتقرت وأنفقت جميع ما كان في بيتي فلما أقمت بين يدي الوزير رق لي وأطلق لي مالا وأخرجني إليكم.
حدثني على ابن نصيف المعروف بشهدابخه، وسعيد بن عبد الله السمرقندي الفقيه عن شخص حدثهما أنه بات في سطح خان في بعض الاسفار، ومعه رجل وزوجته وقرد له فنام الناس وأخذني الارق فلما هدأت العيون رأيت القرد قد قلع المسمار الذي فيه السلسلة ومشى نحو المرأة ولم أعلم ما يريد فقمت فرآني القرد فرجع إلى مكانه، ثم فعل ذلك دفعات وأنا أقوم