فحملناه إلى القرية فإذا بصبي من غلماني أتاني بليمونة. وكان إذ ذاك قليلا بالبصرة جدا وعندي شجرة واحدة. فحين رأى الليمون قال يا سيدي: هذا موجود عندكم؟ قلت: نعم. قال: أغثني بكل ما تقدر عليه فانا نعرفه في بلدنا أنه يقوم مقام الترياق. فقلت: وأين بلدك، قال: عمان. فأتيته بكل ما كان عندي فأقبل يقصمه ويسرع في أكله، وعمد إلى بعضه فاستخرج منه ماء، وأقبل يتحسى منه ويطلى به الموضع فأصبح في غد معافى سالما فسألته عن خبره قال: ما خلصني بعد الله عز وجل إلا ماء الليمون، وأظن أن أخواي لو اتفق لهما ذلك ما تلفا فقلت له: ذلك الدهن الذي طليت به نفسك ما هو؟
قال: الطلق الذي لو طرح على الجسم لا يكون فيه خلل، وما ضرت النار الجسم، وإنما تلف أخواي لان بعض أبدانهما خلا من الطلا وجف بعض الدهن فقلت: وكيف تمكن منك الحية؟ قال: لطول الوقت جف بعض الدهن فتمكن منى ولولا الليمون لتلفت فتعلمت منه استخراج ماء الليمون، وكنت أول من استخرجه بالبصرة، ونبه الناس على منافعه وجربته في الطبخ فوجدته طيبا وتداولته الناس قال: ثم أخرج الأفعى فقطع رأسه وذنبه وغلاه في طنجير واستخرج دهنه وجعله في قوارير وانصرف.
حدثني عبد الوهاب بن محمد مهدى المعروف بأحمد بن أبي سلمة الشاهد الفقيه المتكلم العسكري في سنة خمسة وخمسين وثلاثمائة بعسكر مكرم: أنه شاهد رجلا مفلوجا حمل من أصفهان إلى عسكر مكرم ليعالج. قال: فطرح على باب خان في الجانب الشرقي منها قد هجر وفرغ منه أكثر العقارات لكثرة العقارب والجرارات فيه وفى خانين بجواره، وطلب له موضع ليسكنه فلم يوجد إلا في هذا الخان. فأنزله غلمانه وهم لا يعلمون حالته، وأنه أخلى لكثرة الجرارات فيه، وصعد أصحاب الرجل إلى السطح وتركوه في أسفله لما وصف لهم أن المفلوج لا يبيت على السطح. قال: فلما كان في الغد دخلوا عليه فوجدوه جالسا وكان طريحا لا يمكنه أن يتقلب من جنب إلى جنب، ووجدوا له لسانا فصيحا، وكان متكسرا بالعلة حتى أن الرجل مشى من يومه ذلك