صدري فقمت فأخذت السيف وجئت إلى القبة فلم تشك الجارية آنى هو فقالت قتلته؟ فقلت: لها الله عز وجل قتله، وقصصت عليها القصة، وسألتها عن شأنها فقالت: أنا امرأة من القرية الفلانية أسرني هذا الرجل وخبأني في هذا الموضع وهو يتردد إلى في كل ليلة فأرهبتها فدلتني على دفائن له في الصحراء فاستخرجتها وحملت الجارية وبلغتها القرية وسلمتها فيها وفزت بمال عظيم أغناني عن مقصدي فعدت إلى بلدي.
وحدثني أيضا عن ابن الدنانيري التمار الواسطي قال: حدثني غلام لي، قال: كنت ناقدا بالأبلة لرجل تاجر فاقتضيت له من البصرة نحو الخمسمائة دينار عينا وورقا ولففتها في فوطة واستعديت على السفر مساء إلى الأبلة فما زلت أطلب ملاحا فلم أجد إلى أن رأيت ملاحا مجتازا في خيطية خفيفة فارغة فسألته أن يحملني فسهل على الأجرة وقال: أنا راجع إلى منزلي بالأبلة فأنزل فنزلت. قال وجعلت الفوطة بين يدي وسرنا إلى أن تجاوزنا مسماران فإذا رجل ضرير على الشط يقرأ أحسن قراءة تكون، فلما رآه الملاح كبر وصاح هو بالملاح احملني فقد جنبني الليل، وأخاف على نفسي فشتمه الملاح فقلت: أحمله فدخل إلى الشط فحمله. فلما حصل معنا رجع إلى قراءته فخلب عقلي بطيبها فلما قربنا من الأبلة قطع القراءة وقام ليخرج في بعض المشارع إلى الأبلة فلم أر الفوطة فقمت واقفا فاستغاث الملاح وقال: الساعة تقلب الخيطية، وخاطبني بخطاب من لا يعلم حالي. فقلت: يا هذا كانت بين يدي فوطة فيها خمسمائة دينار. فما سمع ذلك بكى وقال: لم أدخل الشط بعد ولا لي موضع أخبئ فيه شيئا فتتهمني بسرقته ولى أطفال وأنا ضعيف فاتق الله عز وجل وفعل الضرير مثل ذلك ففتشت الخيطية فلم أجد شيئا فوجمت وقلت: هذه محنة لا أدرى كيف أتخلص منها، وخرجنا فعملت على الهروب وأخذ كل منا طريقا وبت ولم أمض إلى صاحبي وأنا بليلة عظيمة فلما أصبحت عملت على الرجوع إلى البصرة لأستخفي فيها أياما ثم أرجع إلى بلد شاسع فانحدرت وخرجت من مشرعة بالبصرة، وأنا أمشى وأتعثر وأبكى