الباب الثاني عشر من ألجأه الخوف إلى هرب واستتار * فأدرك بأمن ومستجد نعم ومسار عن محمد بن زكريا العلائي قال: غنى الرشيد يوما بهذا الشعر:
ألا هل إلى شم الخزامي ونظرة * إلى قرقرى قبل الممات سبيل فيا أثلات القاع من بطن توضح * حنيني إلى اضلالكن طويل أريد نهوضا نحوكم فيصدني * إذا رمته دير على ثقيل قال مؤلف الكتاب: وجدت الشعر في غير هذه الرواية:
ويا اثلاث القاع قد مل صحبتي * صحابي فهل في ظلكن مقيل أحدث نفسي عنك أن لست راجعا * إليك فحزني في الفؤاد دخيل (رجوع للحديث) فاستحسن الرشيد الشعر، وسأل عن قائله فعرف أنه ليحيى بن طالب الحنفي اليماني فقال: هو حي أم ميت؟ فقال بعض الحاضرين هو حي كميت. فقال: ولم؟ قال: هرب من اليمامة لدين عليه ثقيل فصار إلى الري فأمر الرشيد أن يكتب إلى عامله بالري يعرفه ذلك، وأن يدفع إليه عشرة آلاف درهم، ويحمل إلى اليمامة على دواب البريد، وكتب إلى عامله باليمامة بقضاء دينه. فلما كان بعد أيام قال الرشيد لمن حضره: إن الكتب وردت بامتثال ما أمرت به، وعاد يحيى إلى وطنه موسرا وقد قضى دينه عنه من غير سعى منه في ذلك.
ذكر محمد بن عبدوس في كتابه: " كتاب الوزراء ". قال: حدثني عبد الواحد ابن محمد يعنى الحصني، قال: حدثني يموت بن المزرع. قال: كان التعابي يقول بالاعتزال فاتصل ذلك بالرشيد، وكثر عليه في أمره. فأمر عليه بأمر غليظ فهرب إلى اليمن، وكان مقيما فيها على خوف وتوق فاحتال يحيى بن خالد إلى أن أسمع الرشيد شيئا من خطبه ورسائله فاستحسنها الرشيد وسأل عن الكلام لمن هو؟ فقال يحيى: هو كلام العتابي، وإن رأيت يا أمير المؤمنين