لا يكون سنة فإذا وقفت أنا وأنت بين يدي الله عز وجل أترضى أن يكون هذا جوابك له. قال: فأطرق مليا ولم أشك في أنه يقتلني ثم رفع رأسه وقال:
كم أخذ منك فصدقته، فقال: أحضروه فأحضر. قال: وكان كما ذكرت فأعطاني نصفه. فقلت. الآن قد وجب حقي عليك وصار لي باحسانك إلى حرمة. فقال أجل: فقلت إن الطريق فاسد، وما إلا أن أتجاوزك حتى يؤخذ هذا أيضا فأنفذ معي من يؤديني إلى المأمن. قال: ففعل ذلك وسلمت بما أفلت معي. قال: فجعل الله عز وجل فيه البركة وأخلف.
حدثني الحسن بن صافي مولى ابن المتوكل القاضي. وكان أبوه يعرف بغلام ابن مقلة. قال: لما حصل المتقى بالله الرقة ومعه أبو الحسن علي بن محمد بن مقلة وزيره، كاتبني بأن أخرج إليه فخرجت ومعي جماعة من أنسابي وأنساب الخليفة إلى هيت وضم إلينا ابن قتال خفراء يودونا إلى الرقة فرحلت من هيت ومعنا الخفراء والغلمان ومن أتجر معنا من هيت فصرنا نحو المائتي مقاتل، فلما كان في اليوم الرابع من مسيرنا ونحن في البر الأقفر وقد حصلنا نستريح إذا بسواد عظيم من بعيد لا ندري ما هو فلم نزل نرقبه إلى أن بان لنا وإذا هو بمائة مطية رجلان فجمعنا رجالنا وأصحابنا وحملنا وأخذوا حجفهم وسلو سيوفهم وتقدمهم رئيسهم. فقال لنا: يا معشر الناس لا يسلن أحد سيفه ولا يرمين بسهم، فمن فعل ذلك فهو مقتول ففشل أكثر من كان معنا، وقاتل الباقون قتالا ضعيفا وخالطنا الاعراب وخرج جماعة منهم وأخذونا وجميع ما كان معنا واقتسموه وطرحونا في الشمس مجرحين فنظرت فإذا أنا قد عريت وبقى على خلق لا يصد عنى شيئا وليس معي ماء أشربه ولا ظهر أركبه وليس بيني وبين الموت الا ساعات يسيرة فقامت على القيامة واشتد جزعي ولم يكن لي حيلة فآيست من الحياة فأنا كذلك إذ وجدت شنشجة كانت لي فيها خاتم عقيق كبير الفص كثير اللمعان فوقع لي في الحال وجه الحيلة فأخذته وجعلته في قطن وخبأته معي وقصدت رئيس القوم وكان هو الذي تولى أخذ مالي وقد عرف موضعي وقدري. وقلت