إذا ما أبو الخطاب خلى مكانه * فأف لدنيا ليس من أهلها عمر فلاحى فتيان الحجازين بعده * ولا سقيت أرض الحجازين بالمطر أخبرني أبو الفرج الأصبهاني إجازة قال: أخبرني عمى الحسن بن محمد قال:
حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن مالك الخزاعي قال حدثني معبد الصغير المغنى مولى علي بن يقطين قال: كنت منقطعا إلى البرامكة فبينما أنا ذات يوم في منزلي إذا بابى يدق فخرج غلامي ثم رجع إلى فقال على الباب فتى ظاهر المروءة يستأذن عليك فأذنت له فدخل على شاب فما رأيت أحسن وجها ولا أنظت ثوبا ولا أجمل زيا منه من رجل دنف (1) عليه اثر السقم ظاهر فقال لي إني أحاول لقاك مذ مدة فلا أجد إليه سبيلا وإن لي حاجة. قلت: ما هي؟ فأخرج ثلاثمائة دينار ووضعها بين يدي ثم قال أسألك أن تقبلها وتصنع في بيتين قلتهما لحنا تغنيني به فقلت له هاتهما فأنشدني.
بالله يا طرفي الجاني على بدني * لتطفئن بدمعي لوعة الحزن أولا أبوحن حتى يحجبوا سكنى * فلا أراه ولو أدرجت في كفني قال فصنعت له فيهما لحنا من الثقيل الأول مطلقا في مجرى الوسطى ثم غنيته إياه فأغمى عليه حتى ظننته قد مات ثم أفاق فقال: أعد فديتك: فناشدته الله في نفسه وقلت أخشى أن تموت فقال هيهات أنا أشقى من ذلك وما زال يخضع لي ويتضرع حتى أعدنه عليه فصعق صعقة أشد من الأولى حتى ظننت أن نفسه قد فاضت فلما أفاق رددب الدنانير عليه ووضعتها بين يديه وقلت يا هذا خذ دنانيرك وانصرف عنى فقد قضيت حاجتك وبلغت وطرا مما أردته ولست أحب أن أشرك في دمك فقال لا حاجة لي في الدنانير وهذه مثلها ثم أخرج ثلاثمائة دينار أخرى وقال أعد على الصوت مرة أخرى وخذها فقلت لا والله ولا بعشرة أضعافها إلا على ثلاث شرائط قال وما هن قلت أولها أن تقيم عندي وتتحرم بطعامي والثانية أن تشرب أقداحا من النبيذ تشد قلبك ويسكن ما بك. والثالثة تحدثني بقضيتك. فقال: أفعل ما تريد فأخذت