أن يحضر حتى يسمع الأمين والمأمون ويضع لهما خطبا لكان في ذلك صلاح لهما. فأمنه الرشيد وأمر باحضاره. ثم لما اتصل خبر ذلك بالعتابي قال يمدح يحيى بن خالد:
ما زلت في سكرات الموت مطرحا * قد غاب عنى وجه الأرض من خبلي فلم تزل دائبا تسعى لتنقذني * حتى اختلست حياتي من يد الاجل ذكر في بعض كتب الدولة: أن أبا سلمة الخلال لما قوى الدعاة وشارفوا العراق، وقد ملكوا خراسان وما بينها وبين العراق استدعى لبني العباس فسيرهم في منزله بالكوفة، وكان له سرداب فجعل فيه جميع من كان حيا في ذلك الوقت من ولد عبد الله بن العباس، وفيهم السفاح والمنصور، وعيسى بن موسى وهو يراعى الاخبار، وكان الدعاة يأمرون بقصده إذا ظهروا وغلبوا على الكوفة ليصرفهم الامام فيسلمون الامر إليه فلما أوقع قحطبة وابن هبيرة الوقعة العظيمة على الفرات، وغرق قحطبة وانهزم ابن هبيرة ولحق بواسط وتحصن بها، ودخل ابنا قحطبة الكوفة بالعسكر كله قالوا لأبي سلمة: أخرج إلينا الامام. فدافعهم وقال: لم يحضر الوقت الذي يجوز فيه ظهور الإمام، وأخفى الخبر عن بنى العباس وعمل على نقل الامر عنهم إلى ولد فاطمة رضي الله عنهم ، وكاتب جماعة منهم فتأخروا عنه وساء ظن بنى العباس. فاحتالوا حتى أخرجوا مولى لهم أسود كان معهم في السرداب، وقالوا له: أعرف لنا الاخبار فصار يعرفهم أن قحطبة غرق وأن ابن هبيرة انهزم، وأن ابني قحطبة قد دخلا الكوفة بالعسكر منذ كذا وكذا. فقالوا: أخرج وتعرض لابني قحطبة واعلمهما بمكاننا، ومرهما أن يكبسا الدار علينا ويخرجانا، فخرج المولى وكان حميد بن قحطبة عارفا به فتعرض له فلما رآه أعظم رؤيته وقال:
ويلك ما فعل ساداتنا وأين هم؟ فخبره بخبرهم، وأرى إليه رسالتهم فركب في قطعة من الجيش وأبو سلمة غافل فجاء حتى ولج الدار وأراه الأسود السرداب فدخل ومعه نفر من الجيش فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فقالوا:
وعليكم السلام. فقال: أيكم ابن الحارثية؟ وكانت أم أبى العباس عبد الله بن