وأومئ إلى رجل فتأمله جيدا فإذا هو الضرير الذي كان يقرأ وإنما يتعامى وأومئ إلى آخر. وقال: أتعرف هذا فتأملته فإذا هو الملاح بعينه. فقلت:
كيف فعلتما؟ فقال الملاح: أنا أدور المشارع في أول أوقات المساء وقد سبقت بهذا المتعامي فأجلسته حيث وأبت فإذا رأيت من معه شيئا له قدر ناديته وأوجبت الأجرة عليه وحملته فإذا بلغت إلى القارى وصارح به شتمته حتى لا يشك الراكب في براءة ساحتي فان حمله الراكب فذاك وإن لم يحمله رققت عليه حتى يحمله وجلس هذا يقرأ بقراءته الطيبة ويذهل الرجل كما ذهلت أنت فإذا بلغت الموضع الفلاني فإن فيه رجل متوقعا لنا يسبح حتى يلاصق السفينة وعلى رأسه قوصرة والراكب لا يفطن له فيأخذ الأعمى الشئ الذي مع الراكب بحيلة خفية ويلقيه في القوصرة فيأخذه هذا ويسبح إلى الشط فإذا أراد الراكب النزول وانتقد ما معه عملنا كما رأيت فلا يتهمنا ونتفرق فإذا كان في الغد اجتمعنا واقتسمنا ما أخذناه واليوم كان يوم القسمة فلما جئت برسالة أستاذنا خالك سلمنا إليك الفوطة. قال: فأخذتها وانصرفت إلى بلدي عاجبا حامدا.
حدثني عبد الله بن محمد الصروري. قال: حدثني بعض إخواني أنه كان ببغداد رجل يتلصص في حداثته ثم تاب وصار بزازا. قال: فانصرف ليلة من دكانه وقد أغلقه فجاء رجل لص متزي بزي صاحب الدكان في كمه شمعة صغيرة ومفاتيح فصاح بالحارس وأعطاه الشمعة في الظلمة وقال أشعلها وجئني بها فإن لي في هذه الليلة في دكاني شغلا فمضى الحارس وأشعل الشمعة وركب وركب اللص المفاتيح على الاقفال ففتحها ودخل الدكان وجاء الحارس بالشمعة مشعلة فأخذها منه وهو لا يتبين وجهه وجعلها بين يديه وفتح سفط الحساب فأخرج ما فيه وجعل ينظر في الدفاتر ويرى بيده أنه يحسب فدخلت الحيلة على الحارس ولم يشك أنه صاحب الدكان إلى أن قارب السحر فاستدعاه اللص وكلمه من بعيد. وقال له: اطلب لي حمالا فجاءه بحمال فحمل عليه من متاع الدكان أربع رزم وأقفل الدكان وانصرف معه وأعطى الحارس درهمين