وهدروا دمى فأنا أتمتع بالنظر إلى الجبلين تعللا به إذا قدم الحاج ثم يحال بيني وبين ذلك فقلت له زدني مما قلت فأنشدني.
إذا ما وردت الماء في بعض أهله * حضور فعرض بي كأنك مادح فإن سألت عنى حضورا فقل لها * به غير من دائه وهو صالح فأمرني الواثق فكتبت الشعرين فلما كان بعد أيام دعاني فقال: قد صنع بعض عجائز دارنا في أحد الشعرين لحنا فاسمعه فإن ارتضيته أظهرناه وإن رأيت فيه موضع إصلاح أصلحته فغنى لنا فيه من وراء الستارة فكان في نهاية الجودة وكذا كان يفعل إذا صنع شيئا فقلت له أحسن الله صانعه يا أمير المؤمنين ما شاء فقال بحياتي فقلت وحياتك وحلفت له بما وثق به فأمر لي برطل فشربته ثم أخذ العود فغناه ثلاث مرات فلما كان بعد أيام دعاني وقال لي قد صنع بعض عجائز دارنا في الشعر الآخر لحنا وأمر فغنى به وكانت حالي به كالحالة الأولى في الشعر الأول لما استحسنته وحلفت له على جودته وسقاني ثلاثة أرطال وأمر لي بثلاثة ألف درهم ثم قال قد قضيت حق هديتك قلت نعم يا أمير المؤمنين أطال الله بقاك وأتم نعمته عليك ولا أفقدنيها منك ربك فقال: ولكنك لم تقض حق جليسك الاعرابي ولا سألتني معونة على أمره وقد سبقت منه مسئلتك ثم قال: ولكني كتبت بخبره إلى صاحب الحجاز وأمرته بإحضاره وخطبة المرأة له وحمل صداقها إلى قومها من مالي ففعل فقبلت يده وقلت السبق إلى المكارم لك وأنت أولى بها من عبدك ومن سائر الناس قال أبو الفرج: وصنعة الواثق في الشعرين جميعا من الرمل.
وجدت في بعض كتبي قال أبو عبيد الله محمد بن علي بن حمزة: كانت لزوجتي جارية حسنة الوجه فعشقتها فعلمت زوجتي بذلك فحجبتها عنى واشتد ما بي من الوجد عليها وتنغصت على حياتي وقاسيت شدة شديدة فبينما أنا ذات ليلة نائم ومولاتها زوجتي إلى جانبي إذ رأيت في النوم كان الجارية حيالي وأنا أبكى وقد لاح إنسان أنشدني:
وقفت حبالك أذرى الدموع * وأخلط بالدمع منى دما