وشربت بعدى فحلفت لها ما شربت نبيذا مذ فارقتها إلا في هذا اليوم بلا غناء وحادثتها حديثي بطوله وقلت لها ما سبب ما جرى؟ فقالت: اعلم أن الخليفة لم يرني مذيوم عرضني وأمر بشرائي إلا الليلة وكان قد اتصل مزاح السيدة معي بك وذلك أنها استدعتني منذ مدة ثم سألتني عن خبري معك وحدثتني ما دار بينك وبين أم المتقى فصدقتها وبكيت أيضا فقالت كأنك تحبينه فسكت وتغامز الجوار على وصار شعار السيدة المزاح معي فيك فلما كانت هذه الليلة قعد الخليفة يشرب مع السيدة والجواري فاستدعيت وغنيت للخليفة فقال: إن كنت تحسنين الصوت الفلاني تغنيه وكان صوتك على فغنيته وتمثلت لي صورتك وذكرت سرى معك فلم أملك دموعي حين جرت فقال: المقتدر ما هذا؟ فتحيرت وجزعت ونظرت إلى السيدة فضحكت وضحك الجواري فقال المقتدر للسيدة: ما القصة؟ فدافعته فقال: بحياتي فحدثته الحديث فلما استوفاه قال: يا جارية الأمير هكذا إنما بكيت ابن ميمون فسكت فقال: إن صدقت وهبتك له فقلت: نعم فأقبل على أمه وقال: ما هو بكثير إن وهبتها لخادم لنا فقالت: والله أردت أن أسألك هذا ولكن رأيت أنك إن تفضلت به ابتداء كان أحسن فقال لبعض الخدم القيام: خذ هذه وجميع ما في حجرتها فاحمله إلى دار ابن ميمون كاتب ابني إبراهيم واقرأه السلام وعرفه إني وهبتها له، فلما نقلت تصايح الجواري قد جاء فرجك وبلغت مناك فقمت في حجرتي وحملت إليك وما تراه معي فحمدت الله عز وجل وجلست معها وما شلت ما في المجلس حتى شربت معها فيه وغنت لي وبت بأتم ليلة وبكرت نشيطا إلى دار أم التقى لادعوا لهما وأقامت الجارية عندي إلى أن ماتت حدثني عبد الله بن محمد الصروي قال: حدثني أبي، قال: كان ببغداد من أولاد النعم فتى ورث من أبيه مالا عظيما وكان يعشق قينة فأنفق عليها شيئا ثم اشتراها وكانت تحبه كما يحبها فلم يزل ينفق ماله عليها إلى أن أفلس.
فقالت الجارية: يا هذا قد بقينا كما ترى فلو طلبت معاشا كان الامر أسهل قال: وكان الفتى لشدة حبه للجارية واحضاره الاستارات لها ليزيدها في