شرح فقالوا: إنا لما فقدناك في الحال وقع لنا أنك بالسكر وقعت في الماء وغرقت ولم نشك في هذا فخرقت الجارية ثيابها وكسرت العود وجزت شعرها وبكت ولطمت فما منعناها عن شئ من هذا ووردنا البصرة فقلنا لها ما تختارين أن نعلم بك فقد كنا وعدنا مولاك بوعد تمنعنا المروءة من استخدامك معه في حال فقده والاستمتاع بغنائك فقالت: تمكنوني من القوت اليسير ولبس الثياب السود وان أعمل قبرا في بيت من الدار وأجلس عنده وأتوب من الغنا فمكناها من ذلك فيه جالسة عنده إلى الآن وأخذوني معهم فحين دخلت الدار رأيتها بتلك الصورة ورأتني فشهقت شهقة عظيمة ما شككت في تلفها واعتنقنا فما افترقنا ساعة طويلة ثم قال لي مولاها خذها فقلت: بل تعتقها وتزوجني بها كما وعدتني ففعل ذلك ودفع لي ثيابا كثيرة وفرشا وقماشا وحمل لي خمسمائة دينار وقال هذا مقدار ما أردت أن أجرى عليك في كل شهر من منذ أول دخولي البصرة وقد اجتمع طول هذه المدة فخذه والجراية لك مستأنفة في كل شهر وشئ آخر لكسوتك وكسوة الجارية والشرط في المنادمة وسماع الغنا من الجارية من وراء ستارة باق وقد وهبت لك الدار الفلانية قال فجئت إليها فإذا بذلك الفرش والقماش الذي أعطانيه فيها والجارية فجئت إلى البقال فحدثته حديثي وطلقت ابنته ووفيتها صداقها وأقمت مع الجارية على تلك الحالة والهاشمي سنين وصرت رب ضيعة ونعمة وعدت إلى قريب مما كنت عليه وأنا أعيش كذلك إلى الآن مع جاريتي.
حدثني أبو دوق الهراني عن الرباشي أن رجلا من أهل النعيم بالبصرة اشترى صبية فأحسن أدبها وتعليمها وأحبها كل المحبة وأنفق عليها حتى أملق ومسهما الضر الشديد فقالت له الجارية إني لأرثي لك يا مولاي مما أرى بك من سوء الحال فلو بعتني واتسعت بثمني فلعل الله أن يصنع بك وأقع أنا بحيث يحسن حالي فيكون بذلك أصلح لكل واحد منا قال: فحملها إلى السوق فعرضت على عمر بن عبيد الله بن معمر التميمي وهو أمير البصرة يومئذ فأعجبته فاشتراها بمائة ألف درهم فلما قبض المولى الثمن وأراد الانصراف