الغلام في يده ولم يدر جوابا. فقال: هاتوا جوالقا ومداق الجص وقيداه وغلاه فقيده وأغله وأدخله الجوالق وأمر الفراشين بدقة بمداق الجص وأنا أرى ذلك وهو يصيح ثم انقطع صوته ومات فأمر به فغرق في دجلة. وتقدم لبدر بحمل ما في داره ثم قال لي يا شيخ أي شئ رأيت من أجناس المكروه ولو على هذا وأومى بيده إلى بدر فالعلامة بيننا أن تؤذن في هذا الوقت. فإني أسمع صوتك وأستدعيك وافعل مثل هذا بمن لا يقبل منك أو يؤذيك. قال فدعوت له. وانصرفت. وانتشر الخبر عند الأولياء والغلمان فما خاطبت منهم أحدا بعدها في إنصاف أحد، أو كف عن قبيح إلا طاوعني كما رأيت خوفا من المعتضد. وما احتجت أن أو أذن إلى الآن.
وجدت في بعض الكتب عن الأصمعي قال: كنت بالبصرة أطلب العلم أنا مقل، وكان على بابنا بقال إذا خرجت بكرة يقول لي إلى أين؟ فأقول إلى فلان المحدث، وإذا عدت المساء يقول لي من أين؟ فأقول: من عند فلان الاخباري واللغوي. فيقول يا هذا: إقبل وصيتي أنت شاب فلا تضيع نفسك، واطلب معاشا يعود عليك نفعه، وأعطني جميع ما عندك من الكتب أطرحها في هذا الدن وأصب عليها من الماء للعشرة أربعة وأنبذه وانظر ما يكون منه، والله لو طلبت منى بجميع ما لديك من الكتب جوزة ما أعطيتك. فيضيق صدري بمداومة الكلام حتى كنت أخرج من بيتي ليلا، وأدخله ليلا وحالي في خلال ذلك يزداد ضيقا حتى أقضيت إلى بيع آخر أساسات داري وبقيت لا أهتدي إلى نفقه يوم، وطال شعري واخلق ثوبي، واتسخ بدني وأنا كذلك متحير في أمري إذ جاء لي خادم للأمير محمد بن سليمان قال: أجب الأمير. فقلت ما يصنع الأمير برجل قد بلغ به الفقر إلى ما ترى؟ فلما رأى سوء حالي وقبيح منظري رجع فأخبر الأمير بخبري. وعاد إلى ومعه تخوت ثياب ودرج فيه بخور، وكيس فيه دنانير وقال: قد أمرني الأمير أن أدخلك الحمام، وألبسك من هذه الثياب، وأدع باقيها عليك، وأطعمك من هذا الطعام، وإذا بخوان كبير فيه صنوف الأطعمة، وأبخرك لترجع إليك روحك. ثم أطلعك عليه