صدره وخنقه بيده حتى تلف وسرنا والخرساني يصيح من ألم العضة فانتهينا إلى حيال قرية عامرة فصحنا بملاح فقدم زورقه لنعبر إلى القرية فطرح الخرساني نفسه على الشط كالتالف فشجعته وقلت: مالك وأي شئ قدر عضة؟ فقال ويحك أنظر إليها فرأيتها فإذا هي قد أخذت كتفه كله واسودت واحمر بدنه كله فحملته أنا والملاح حتى حصلنا في الزورق وعبرنا فلما صرنا بالقرب من الشط تلف فأخرجناه ميتا فاجتمع أهل القرية وسألوا عن شأنه فحدثتهم الحديث. فقالوا: هذا عبد فلان أصابه داء الكلب وتغرب في تلك الخرابات وقد قتل خلقا كثيرا بالعض وتبادر قوم منهم يريدون الموضع للنظر إلى الأسود وسرت أنا في طريقي وحمدت الله على سلامتي من الأسود * قال:
وقرأت في كتب الفرس. أن أبرويز الملك كان معجبا بالقلهيذ لطيب غنائه فنشأ للقلهيذ غلام أحسن غناء منه فأهداه إلى أبرويز متقربا به إليه واستطابه أبرويز وغلب على قلبه حتى قدمه على القلهيذ فحصده القلهيذ فقتله وبلغ ذلك أبرويز فغضب غضبا شديدا، واستدعا القلهيذ وأمر فأحضروا له السيف والنطع وعز على ضرب عنقه وقال له يا كلب: علمت أن شطر لذتي بالغناء كان فيك، وشطرها في غلامك فقتلته لتذهب بشطر لذتي والله لأقتلنك وأمر به فجر ليقتل. فقال أيها الملك: اسمع منى كلمة ثم اعمل ما شئت. قال: قل.
قال: إذا كانت لذتك شطرين وقد أبطلت أنا بالجهل والخطأ أحدهما فهل تبطل أنت على نفسك الشطر الآخر بطاعة الغضب فإن جنايتك على نفسك أعظم من جنايتي عليك. فقال أبرويز: ما نطقت بهذا الكلام في مثل هذا المقام إلا لما في أجلك من التأخير، ولما يريد الله اسعادي به من الالتذاذ بالغناء وقد عفوت عنك فأطلقه.
وقال أبو إسحق أخبرنا أحمد بن أبي داود. قال: دخلت على المعتصم يوما فقال لي يا أبا عبد الله: لم يدعني اليوم أبو الحسن الاقشين حتى أطلقت يده على القاسم بن عيسى فقمت من بين يديه ولم أبصر شيئا جزعا على أبى دلف ودخلني أمر عظيم وخرجت فركبت دابتي وسرت أشد سير