فنجلسه مكان أبيه فما عرفنا له خبرا قال فقلت أتعرفني؟ قال لا: قلت: أنا طلبتكم قال وأعطيته العلامات فعلم صحة ما قلته له فكفر لي فقلت: اكتم أمرنا إلى أن ندخل الناحية قال: افعل ففعل قال: فدخلت إلى المرأة وأعلمتها بالخبر وحدثتها بأمري كله وأعطيتها الصدرة وقلت هذه قيمتها كذا كذا ومن حالها كذا وكذا وأنا ماض مع الرجل فإن كان ما ذكر صحيحا فالعلامة أن يجيئك رسولي ويذكر لك الصورة وإن كانت مكيدة كانت الصدرة لك قال ومضى الرجل وكان الامر صحيحا فلما قرب من البلد استقبلوه بالتكفير وأجلسوه في الملك فانفذ إلى زوجته من حملها فجاءت إليه فحين اجتمع شمله واستقام أمره أمر فبنيت له دار ضيافة عظيمة وأمر أن لا يجوز في عمله مجتاز إلا حمل إليها فيضاف فيها ثلاثة أيام ويزود لثلاثة أيام أخر فكان يفعل ذلك وهو يراعى الرجل الذي صحبه في سفره ويقدر أن يقع في يديه فلما كان بعد حول استعرض الناس قال وكان يستعرضهم في كل يوم فلا يرى الرجل فيصرفهم فلما كان في ذلك اليوم رأى الرجل فيهم فحين وقعت عينه عليه أعطاه ورقة تابول وهذه علامة غاية الاكرام ونهاية رتبة الاعظام إذا فعله الملك برعيته قال فحين فعل الملك ذلك بالرجل كفر له وقبل الأرض فأمره الملك بالنهوض ونظر إليه فإذا هو ليس يعرف الملك فأمر بتغير حاله وإحسان ضيافته ففعل ثم استدعاه فقال أتعرفني؟ فقال: وكيف لا أعرف الملك وهو من عظم شأنه وعلو سلطانة بحيث هو قال لم أرد هذا أتعرفني قبل هذا الحال قال لا فذاكره الملك بالحديث والقصة في منعه إياه الطعام في السفر قال فبهت الرجل فقال ردوه إلى الدار فردوه فزاد في إكرامه وحضر الطعام فأطعم فلما أراد النوم قال الملك لزوجته امضى فغمزيه حتى ينام قال فجاءت المرأة فلم تزل تغمزه إلى أن نام ثم رجعت إلى الملك فقالت قد نام قال ليس هذا نوم حركوه فحركوه فإذا هو ميت قال فقالت له المرأة أي شئ هذا قال فساق لها حديثه معه وقال وقع في يدي فتناهيت في إكرامه والهند لهم أكباد عظام وأوهام ظريفة فأدخلت عليه حسرة عظيمة إذ لم يحسن إلى فقتلته وقد كنت أتوقع موته قبل هذا بما توهمه واستشعره من العلة في نفسه لفرط الحسرة.
(٣٦١)