الباب الثامن من أشفى على أن يقتل * فكان الخلاص إليه أعجل وجدت في كتاب أبى الفرج المخزومي الحنطي: أن إبراهيم بن المهدى لما طال استتاره عن المأمون ضاق صدره فخرج ليلة من موضع كان مستخفيا فيه يريد موضعا آخر في زي امرأة، وكان عطرا فعرض له حارس فلما شم رائحة الطيب ارتاب به فكلمه، فلما علم أنه رجل ضبطته فقال خذ خاتمي فثمنه ثلاثون ألف دينار وخلني فأبى وتعلق به فحمله إلى صاحب الشرطة فأتى به المأمون فلما دخل عليه بالحالة التي هو عليها جلس المأمون مجلسا عاما وقام خطيب بحضرته يخطب بفضله وما رزقه الله جلت عظمته من الظفر بإبراهيم، ولما دخل إبراهيم بين يديه سلم عليه بالخلافة فرد عليه السلام.
فقال إبراهيم، يا أمير المؤمنين إن ولى الثار محكم في القصاص، والعفو أقرب للتقوى، ومن تناولته يد الاقدار بما مدله من أسباب الرجاء ما يأمن معه عادية الدهر وقد جعل الله عفوك فوق كل ذي عفو كما جعل كل ذي ذنب دوني، فإن تؤاخذ فبحقك وإن تعفو فبفضلك ثم قال:
ذنبي إليك عظيم * وأنت أعظم منه فخذ بحقك أولا * فاصفح بحلمك عنه إن لم أكن في فعالى * من الكرام فكنه وقال أتيت ذنبا عظيما * وأنت للعفو أهل فإن عفوت فمن * وإن جزيت فعدل فرق له المأمون وأقبل على أخيه أبي إسحق وابنه العباس والقواعد وقال ما ترون في أمره؟ فقال بعضهم يضرب عنقه. وبعضهم قال: يقصص لحمه إلى أن يتلف. وبعضهم قال تقطع أطرافه ويترك إلى أن يموت. فكل أشار بقتله وإنما اختلفوا في الصفة فقال المأمون لأحمد بن أبي خالد ما تقول أنت يا أحمد؟