قال مؤلف هذا الكتاب: ولم يذكر القاضي أبو الحسن في كتابه هذا الخبر ولعله اعتقد أنه مما لا يجب ادخاله فيه.
عن ابن عقيل، وكان إذا جاء من البادية ينزل في شارع دار الرقيق بالقرب من درب سليمان قال: كانت عندي جارية بالبادية بالغة زمنة مقعدة سنين ومن عاداتنا أن نأخذ الحنظل فنقور رأسه ونملأه باللبن الحليب، ونرد عل كل واحدة رأسها، ونتركها في الرماد الحار حتى تغلى. فإذا غلت حسي كل واحد منا ما في الحنظلة من ذلك فتسهله وتصلح بدنه. قال: فأخذنا سنة من السنين ثلاث حناظل لثلاث أنفس يشربونها، وجعلنا فيها اللبن على الصفة المارة فرأتها الجارية الزمنة فلغرضها بالحياة وضجرها من الزمانة غدت إلى الحناظل الثلاث فحستها كلها وعلمنا بذلك بعد لما رأينا من قيامها فآيسنا من حياتها فباعدناها في الأخبية لئلا نشم روائحها فتعدينا، ولتموت بالبعد عنا فلما كان في الليل انقطع قيامها، ومشت برجلها إلى أن عادت إلى البيوت العافية لا قلبة بها وعاشت بعد ذلك سنين وولدت.
قال جبريل بن يخشوع: كنت مع الرشيد بالرقة، ومعه المأمون ومحمد وكان رجلا كثير الأكل والشرب. فأكل في بعض الأيام أشياء خلط فيها، ودخل المستراح فغشى عيله وقوى عليه الغشى حتى لم يشك غلمانه أنه قد مات وحضر أبناه وشاع عند العامة والخاصة خبره فأرسل إلى فحضرت وجسست عرقه. فوجدت نبضا خفيفا، وقد كان قبل ذلك بأيام يشتكى امتلاء وحركة الدم. فقلت لهم: لم يمت والصواب أن يحجم الساعة. فقال كوثر: لما يعرف من أمر الخلافة وافضائها إلى صاحبه محمد: يا ابن الفاعلة تقول احجموا رجلا ميتا لا يقبل قولك ولا كرامة. فقال المأمون: الامر قد وقع وليس يضر بأن نحجمه فأحضر، وتقدمت إلى جماعة من غلمانه بإمساكه ففعلوا وأقعد.
فقلت للحجام: ضع محاجمك ففعل فلما مصها رأيت الموضع قد أحمر فطابت نفسي بذلك أنه حي. ثم قلت: اشرط. فشرط فخرج الدم فسجدت شكرا