أحدا عما لم يفترضه عليه، وقد رأوا دفعها إلى المساكين، ولعل أكثرهم ينفقها في غير ما يجب، فقد دخلوا في مثل ما أنكروه على الأئمة، ومع ذلك فإن للمساكين فيها أشراكا وقد سماهم الله (عز وجل) في كتابه، وهم سبعة أصناف غير المساكين: الفقراء، والعاملون عليها، والمؤلفة قلوبهم، والرقاب، والغارمون، وفى سبيل الله، وابن السبيل، ولم يخص الله (عز وجل) بعض هؤلاء دون بعض، بل أشركهم معا، فقال سبحانه: (1) إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم.
فكيف يجوز إعطاء بعض هؤلاء دون بعض؟ وقد جمعهم الله عز وجل في ذلك وجعله فريضة لهم. ولا ينبغي أن يلي قسمة ذلك عليهم ووضع ما يجب أن يوضع منه في أهل كل طبقة منهم مواضعة (2) غير الأئمة من آل محمد صلوات الله عليه وعليهم أجمعين، الذين أوجب الله وجل عليهم القيام به وائتمنهم عليه، وإلا فمن أين يعرف الناس مقدار ما يصلح أن يعطى لكل طبقة من هذه الطبقات في كل عصر وزمان؟ ومن أين يعرفون من يتألف على الاسلام؟ وكيف يعطى المؤلفة غير الأئمة الذين يتألفونهم؟ وكيف ينفق في سبيل الله، وهو الجهاد، غيرهم؟ والجهاد لا يقوم إلا بهم ولا يعرف إلا من جهتهم، فكيف يعطى العاملين عليها إلا هو الذي استعملهم؟
وقد ائتمنهم الله عز وجل على صدقات المسلمين وحرمها عليهم ليعلم الناس أنه لاحظ لهم فيها (3) يجترونه إلى أنفسهم فيتهمونهم من أجله.
روينا عن الحسن (4) بن علي (ع) أنه قال: أخذ رسول الله (صلع) بيدي فمشيت معه فمررنا بتمر (5) مصبوب من تمر الصدقة وأنا يومئذ غلام، فجمزت وتناولت تمرة فجعلتها في في، فجاء رسول الله حتى أدخل إصبعه في في فأخرجها بلعابها فرمى بها في التمر (6)، ثم قال: إنا، أهل البيت، لا تحل لنا الصدقة.