الله نبأه في كتابه مع رسوله (صلع) بقوله: (1) ومنهم من يلمزك (2) في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون. نعوذ بالله من تعدى أمره وتجاوز نهيه وتعطيل فرايضه ومخالفة كتابه وأمر أوليائه (3) وتسخط أفعالهم والخروج عن أحكامهم.
وقد روينا إجماع العامة على أن رسول الله (صلع) كان يلي قبض الصدقات ممن يكون بحضرته، ويبعث عماله عليها، فيأخذونها ممن غاب عنه، وأن ذلك كذلك كان صدرا من الزمان بعده (صلع)، وأن أبا بكر من معه من الصحابة حاربوا من منعه الزكاة واستحلوا لذلك دماءهم وذراريهم وأموالهم، وسموهم أهل ردة ولم يبيحوا لهم أن يصرفوها بينهم مع قول الله عز وجل: (4) خذ من أموالهم صدقة، وذكره العاملين عليها وهم الذين يقبضونها من الناس، وأن أحدا لم يكن يفرق زكاة ماله على المساكين كما يفعل اليوم عامة الناس ممن يرى أنه يتورع فيؤدى زكاة ماله وأكثرهم من عامة الناس يؤثر بذلك (5) أقاربه، ومن يوجب ذمامه ومن يسأله فيستحيى منه أن يرده، وأكثرهم لا يخرج شيئا على الجملة، وسواء هو (6) ومن دفعها لمن يؤمر بدفعها إليه. لان الحق لا يقضيه عمن كان عليه دفعه إلى غير من يجب له قبضه منه، وحق لله أحق ما حوفظ عليه.
على أن أكثر أئمتهم وفقهائهم الذين أخذوا عنهم دينهم يمنعون من ذلك، ولا يجيزونه لمن فعله، ويرون دفع الزكاة إلى الامراء، فخالفوهم اليوم بأسرهم وفارقوهم عن آخرهم.
فممن رووا (7) عنه من الصحابة أنه أمر بدفعها إلى الامراء سعد بن مالك وأبو سعيد الخدري وعبد الله بن عمر وأبو هريرة وعائشة، هؤلاء فيمن خالف إلى أن تغيرت الحال في ذلك، ومنع بعض الناس أمراءهم زكاتهم لما رأوهم يستأثرون