وعن الشهوات واللذات لا يقلع (1)، فلو لم يكن لابن آدم المسكين ذنب يتوقعه، ولا حساب يوقف عليه إلا موت يبدد شمله ويفرق جمعه ويؤتم ولده، لكان ينبغي له أن يحاذر ما هو فيه بأشد التعب (2)، ولقد غفلنا عن الموت غفلة أقوام غير نازل بهم، وركنا إلى الدنيا وشهواتها ركون أقوام لا يرجون حسابا ولا يخافون عقابا (3).
وعنه (ع) أنه قال: سئل رسول الله (صلع): أي المؤمنين أكيس؟
قال: أكثرهم للموت ذكرا وأحسنهم له استعدادا، أولئك هم الأكياس.
ذكر التعازي والصبر وما رخص فيه من البكاء روينا عن جعفر بن محمد صلوات الله عليه أنه قال: لما قبض رسول الله (صلع) أتاهم آت يسمعون صوته (4) ولا يرون شخصه، فقال: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، (5) كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيمة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور، إن في الله عزاء من كل مصيبة، وخلفا من كل هالك، فالله فارجوا، وإياه فاعبدوا، واعلموا أن المصاب من حرم الثواب، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فقيل لأبي عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليه: من كنتم ترون (6) المتكلم يا بن رسول الله؟
قال: كنا نراه جبرئيل.
وعنه عن أبيه عن آبائه عن علي صلوات الله عليه وعلى الأئمة من ولده أن رسول الله (صلع) مر على امرأة تبكى على قبر، فقال لها: اصبري، أيتها المرأة، فقالت: يا هذا الرجل، اذهب إلى عملك، فإنه ولدى، وقرة عيني، فمضى