فأدركه في السقيا (1) وهو مريض، فقال: يا بني، ما تشتكي؟ فقال:
أشتكي رأسي، فدعا علي (ع) ببدنة فنحرها وحلق رأسه ورده إلى المدينة، فلما برئ من وجعه اعتمر، قيل له: يا بن رسول الله، أرأيت حين برئ من وجعه أيحل له النساء؟ قال: لا تحل له النساء (2) حتى يطوف بالبيت والصفا والمروة، قيل له: فما بال رسول الله (صلع) حين رجع من الحديبية حل له النساء، ولم يطف بالبيت؟ قال: ليسا سواء، كان رسول الله (صلع) مصدودا والحسين (ع) محصورا، وهذا كله في المصدود والمحصور كما ذكرنا، إنما يكون إذا أحرم من الميقات، فأما ما أصابه من ذلك دون الميقات فليس عليه فيه (3) شئ، ينصرف إن شاء ولا شئ عليه، وإن كان معه هدى باعه أو صنع فيه ما أحب، لأنه لم يوجبه بعد، وإيجابه إشعاره وتقليده، وإنما يكون ذلك بعد الاحرام من الميقات.
ذكر الحج عن الزمني والأموات روينا عن جعفر بن محمد (ع) أن رجلا أتاه، فقال: إن أبى شيخ كبير لم يحج أفأجهز رجلا يحج عنه؟ فقال: نعم، إن امرأة من خثعم (4) سألت رسول الله (صلع) أتحج عن أبيها لأنه شيخ كبير؟ فقال رسول الله (صلعم):
نعم، فافعلي، إنه لو كان على أبيك دين فقضيته عنه أجزى ذلك عنه، فالشيخ والعجوز اللذان صارا إلى حال الزمانة (5) يحج عنهما من أحجاه بمالهما، أو يحج عنهما بنوهما من أموالهما كما ذكرنا في كتاب الصوم أنهما [إن] لم يقدرا على الصوم أفطرا وأطعما في (6) كل يوم مسكينا، لأنهما في حال من لا يرجى له أن يطيق ما لم يطقه، فكذلك هما في هذه الحال قد صارا إلى حال من لا يرجو أن يقدر على الحج فيسوف به لامكانه.