بها بعد الذين (1) ذكرنا من الصدر الأول الذين لم يكن ذلك في عصرهم.
ورووا عن بعضهم أنه سئل عن الزكاة (2) قال: ادفعوها إليهم (3) وإن أكلوا بها لحوم الحيات. وعن بعضهم أنه سئل عن الزكاة، فقال: ادفعوها إلى الامراء. فقيل له: إنهم يشترون بها العقد والدور وينفقونها. فقال:
ما أنتم وذاك؟ أمرتم بدفعها إليهم وأمروا بصرفها في وجوهها فعليكم ما حملتم وعليهم ما حملوا.
وعن ابن عمر أنه قال: أربعة إلى السلطان، الزكاة والجمعة والفئ والحدود.
وأنه قيل له: إن السلطان يستأثر بالزكاة، فقال: ما أنتم وذاك؟ أرأيتم لو أخذتم لصوصا فقطعتم بعضهم وتركتم بعضهم، أكنتم مصيبين؟ قالوا: لا، قال:
فلو دفعتموهم إلى السلطان فقطع بعضهم وترك بعضهم، أكان عليكم من ذلك شئ؟ قالوا: لا، قال: فلم؟ قالوا: لأنا قد فعلنا ما كان علينا أن نفعله من دفعه إلى السلطان، وما فعله فهو عليه، قال: صدقتم فهكذا تجرى الأمور.
ورووا أن مروان أرسل إلى سعد بن مالك أن أرسل إلى بزكاة مالك.
فقال لرسوله: لا أفعل، تشترون بها القصور والرقيق، وتعمرون بها (4) الأموال.
فلما ولى الرسول جعل سعد يحاج نفسه، ويقول: يا سعد، ما أنت وذاك؟
حملوا أمرا وحملت أمرا فعليك ما حملت وعليهم ما حملوا. ردد ذلك مرارا، ثم قال: أدركوا الرسول فردوه (5) فرد إليه. فدفع إليه خمسمائة دينار أو سبع مائة دينار.
وممن رووا عنه أنه رأى أن الواجب في الزكاة أن تدفع إلى الامراء، الحسن البصري وعامر الشعبي وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير والأوزاعي والشافعي وأبو ثور، وقال: من لم يدفعها إلى السلطان ودفعها إلى الفقراء لم تجز عنه. وفرق أبو عبيد بين زكاة الذهب والورق، وبين زكاة المواشي والحبوب والثمار،