حسنت في الناس سيرته، وخفت عليهم مؤنته وسخت بإعطاء حق (1) نفسه. أضر به ذلك في شدة ملكه، أو في لذات بدنه، أو في (2) حسن ذكره في الناس، أو هل تجد أجدا ممن ساءت في الناس سيرته، واشتدت عليهم مؤنته كان له بذلك من العز في ملكه مثل ما دخل عليه من النقص به في دنياه وآخرته، فلا تنظر إلى ما تجمع من الأموال، ولكن انظر إلى ما تجمع من الخيرات، وتعمل من الحسنات، فإن المحسن معان، والله ولى التوفيق والهادي إلى الصواب (3).
وفيه مما ينبغي للوالي أن ينظر فيه من أمر كتابه انظر كتابك فاعرف حال كل امرئ منهم فيما تحتاج إليه منه، فإن للكتاب منازل ولكل منزلة منها حق من الأدب لا تحتمل غيره، فاجعل لولاية علياء (4) أمورك منهم رؤساء تتخيرهم لها على مبلغ كل امرئ منهم في احتمال ما توليه. فول كتابة خواص رسائلك التي تدخل بها في مكيدتك ومكنون سرك أجمعهم لوجوه صالح الأدب (5)، وأعونهم لك على كل أمر من جلائل الأمور، وأجزلهم فيها رأيا وأحسنهم فيها دنيا، وأوثقهم فيها نصحا (6)، وأطواهم عنك لمكنون الاسرار. ممن لا تبطره الكرامة. ولا يزدهيه الألطاف ولا تنجم به دالة يمتن بها عليك في خلاء أو يلتمس إظهارها في ملاء، وإصدار (7) ما ورد عليه (8) من كتب غيرك من استكمال طرق الصواب فيما يأخذ لك، أو يعطى منك، ولا يضعف عقدة عقدها لك (9)، ولا يعجز عن إطلاق عقدة عقدت عليك، ولا يجهل مع ذلك معرفة نفسه ومبلغ قدره في الأمور، فإنه من جهل قدر نفسه كان بقدر غيره أجهل، وول ما دون ذلك من كتابات (10) رسائلك،