أن بعض أصحابه قال له: إن الناس يقولون إن صاحبكم حدث وليس له ذلك الفقه، فتناول سوطه وقال: ما يسرني أن الأمة اجتمعت على كعلاقة سوطي هذا وأنى سئلت عن باب حلال وحرام فلم آت بالمخرج منه.
ذكر من يجب أن يؤخذ عنه العلم ومن يرغب عنه ويرفض قوله إنا لما ذكرنا في الباب الذي قبل هذا الباب الرغائب في طلب العلم والحض عليه وجب أن ندل على العلم الذي أشرنا إليه ورغبنا فيه، والعلماء الذين ذكرنا فضلهم، وأوجبنا الاخذ عنهم، وإن كان ذكرهم قد تقدم (1)، ونذكر الآن من يجب رفض قوله وما يوجب رفضه ويدل على فساده.
فنقول: إن الذي يجب قبوله وتعلمه ونقله من العلم ما جاء عن الأئمة من آل محمد (2) (صلع) لا ما يؤخذ عن المنسوبين إلى العلم من العامة المحدثين (3) المبتدعين الذين اتخذوا دينهم لعبا، وغرتهم الحياة الدنيا، وقنعوا برياستها وبعاجل ما نالوه بذلك من حطامها، فجلسوا غير مجالسهم ووردوا غير شربهم (4) ونازعوا الامر أهله وأنفوا أن يتخطوا إليهم فيه (5) فيسألونهم كما أمرهم الله عز وجل عما لا يعلمون، ويسمعون لأمرهم ويطيعون، بل قالوا في دين الله عز وجل بآرائهم وحملوه على قياسهم، واتبعهم جهال الأمة ورعاعها وقلدوهم فيما ابتدعوه فيه ليصلوا بعدهم من الرياسة إلى ما وصلوا إليه، وكلما أغرق أئمتهم في الجهل اعتدوا لهم بذلك الفضل.