وفيه ذكر أمر الامراء بالعدل في رعاياهم والانصاف من أنفسهم (1) أشعر قلبك الرحمة لرعيتك، والمحبة لهم والتعطف عليهم والاحسان إليهم.
ولا تكونن عليهم سبعا، تغتنم زللهم وعثراتهم، فإنهم إخوانك في النسبة، ونظراؤك في الخلق، يفرط منهم الزلل وتعترض لهم العلل، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ، فأعطهم من عفوك وصفحك (2) مثل الذي تحب أن يعطيك من هو فوقك وفوقهم، والله ابتلاك بهم، وولاك أمرهم، وقد احتج عليك بما عرفك من محبة العدل والعفو والرحمة، فلا تستحقن (3) ترك محبته، ولا تنصبن نفسك لحربه، فإنه لا يدان (4) لك بنقمته، ولا غناء بك عن عفوه ورحمته، ولا تعجلن بعقوبة ولا تسرعن إلى بادرة وجدت عنها مزحلا (5) ولا تقولن إني أمير أصنع ما شئت، فإن ذلك يسرع في كسر العمل، وإذا أعجبك ما أنت فيه وحدثت لك عظمة ودخلتك له أبهة أبطرتك واستقدرتك على من تحتك، فاذكر عظم (6) قدرة الله عليك وتكفر في الموت وما بعده، فإن ذلك ينقص من زهوك ويكف من مرحك، ويحقر في عينيك ما استعظمت من نفسك، وإياك أن تباهى الله في عظمته أو تضاهيه في جبروته أو تختال عليه في ملكه، فإن الله مذل كل جبار، ومهين كل مختال، أنصف الناس من نفسك، ومن أهلك، ومن خصاتك، فإنك إن لم (7) تفعل تظلم، ومن يظلم عباد الله فالله خصمه