آثاره، واتق الله في خاصة أمورك ونفسك، وراقبه فيما حملك، وتعبد له بالتواضع إذ رفعك، فإن التواضع طبيعة العبودية، والتكبر من حالات الربوبية، ولا تميلن بك عن القصد رتبة تروم بها ما ليس لك، ولا تبطرنك نعم الله عليك من إعظام حقه، فإن حقه لن يزداد عليك إلا عظما، ولا تكونن كأن الله بما أحدث (1) لك من الكرامة ترى أنه أسقط عنك شيئا من فرائضه، وأنك استحققت عليه وضع الصعاب عنك فتنهمك في بحور الشهوات، فإنك إن تفعل يشتد رون (2) ذلك على قلبك، وتذمم عواقب ما فات من أمرك، فاعرف قدرك وما أنت إليه صائر واذكر ذلك حق ذكره، وأشعر قلبك الاهتمام به، فإنه من اهتم بشئ أكثر ذكره، وأكثر التفكر فيما تصنع وفيمن يشاركك فيما تجمع، فإنك لست مجاوزا في غاية المنتهى أجل بعض أحيائك والساعة تأتى من ورائك، وليس الذي تبلغ به قضاء ما يحق عليك بقاطع عنك شيئا من لذاتك التي تحل لك ما لم تجاوز في ذلك قصد ما يكفيك إلى فضول ما لا يصل من نفعه إليك إلا ما أنت عنه في غاية من الغناء فتحمل ما ليس حظك من إلا حظ عينيك، وما وراء ذلك منفعة لغيرك، فليقصر في ذلك أملك، وليعظم من عواقبه وجلك.
وفيه في موعظة أمير الجيش بمن كان قبله في مثل حاله انظر أيها المملك (3) المملوك، أين آباؤك، وأين الملوك وأبناء الملوك (4) من أعدائك الذين أكلوا الدنيا مذ كانت، فإنما تأكل ما أسأروا (5) وتدير ما أداروا، وأين كنوزهم التي جمعوا وأجسادهم (6) التي نعموا، وأبناؤهم الذين أكرموا (7) هل ترى أحدا أقل منهم عقبا أو أخمل منهم ذكرا، واذكر