وأما ثانيا: فلانه صلى الله عليه وآله في مقام بيان رد مال الغير الذي وقع تحت يده وإيصاله إلى صاحبه لا في مقام حفظ مال الغير عن التلف، مضافا إلى أن الظاهر من أمثال هذه التراكيب عرفا هو كون عهدته وذمته مشغولة بما يكون مستعليا فإذا قال له: على كذا درهم - مثلا فهو إقرار واعتراف بأن ذلك المقدار على ذمته وفي عهدته أو إذا قال لي: على فلان كذا مقدار لا يفهم منه إلا ادعاء أنه له في ذمة فلان ذلك المقدار.
والسر في ذلك: أن كلمة (على) موضوعة للنسبة الاستعلائية التي بين شئ ومدخول علي فإذا قيل: زيد على السطح فعلي تحكي عن النسبة الاستعلائية التي بين زيد ومدخول علي فيفهم من هذا الكلام أن زيدا مستعل على السطح والسطح مستعلى عليه، فقوله صلى الله عليه وآله: (وعلى اليد ما أخذت) حيث أن الموصول مبتدأ مؤخر فيرجع مفاد الكلام إلى أن المال الذي أخذته اليد يكون مستعليا على اليد ومستقرا عليها كاستقرار زيد واستعلائه على السطح.
ثم إن (اليد) ليس المراد منها هي الجارحة المخصوصة، لأنه ربما لا يكون للاخذ - الغاصب أو بدون إذن المالك أو الشارع الذي هو ولي المالك - تلك الجارحة المخصوصة أو الشئ المأخوذ ليس قابلا لان يؤخذ بالجارحة المخصوصة بل المراد منه هاهنا الاستيلاء على الشئ خارجا أو في عالم الاعتبار الشرعي أو العرفي.
وبهذا المعنى يقال ليس الامر بيدي ولو كان لكنت أفعل كذا، ونفس الاستيلاء التكويني أو الاعتباري حيث أنه من صفات المستولي فإذا قيل: أن الشئ الفلاني على اليد بهذا المعنى فالمراد منه على المستولي باعتبار استيلائه.
وبهذا الاعتبار قال لله تعالى حكاية عن قول اليهود - لعنهم الله - (وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء) (1) فالمراد من قولهم (يد الله مغلولة) أي ليس له القدرة على الانفاق والتوسعة