المتصدق كما ربما يدل عليه قوله عليه السلام في رواية طلحة ابن زيد: (إنما هو بمنزله العتاقة لا يصلح ردها بعد ما يعتق) (1).
ففيه: أن هذا بالنسبة إلى الصدقة بالمعنى الأخص وهو غير الوقف.
وإن شئت قلت: إن هذا المعنى من لوازم بعض أقسام الصدقة لا الطبيعة المطلقة.
وأما ما قيل من القول بعدم خروج العين الموقوفة عن ملك الواقف يلزم تخصيص قوله تعالى: (أو ما ملكت أيمانهم) (2) والأصل عدم التخصيص، وذلك لان وطي أمته التي وقفها لا يجوز قطعا، فلو لم تكن خارجة عن ملكه ومع ذلك لا يجوز يلزم تخصيص هذه الآية، لأن مفادها جواز وطي كل من كانت ملك يمينه.
وهذا استدلال عجيب، لان مورد أصالة العموم - أو بتعبير آخر أصالة عدم التخصيص - فيما إذا كان الشك في الخروج عن تحت العموم، لا ما هو مقطوع الخروج عن الحكم - كما في هذه الآية الشريفة - والشك في كونه مصداقا، فإذا لم يكن دليل على زوال ملكية المال الموقوف عن ملك الواقف ووصلت النوبة إلى حكم الشك فالأصل يقتضي بقاء الملكية.
هذا كله في الوقف المؤبد ولكن مع ذلك كله القول ببقاء ملكية الواقف - مع ما عرفت من الاجماع على العدم الذي يظهر من كلام السرائر والغنية، ومع ما عرفت من لغوية اعتبارها مع عدم وجود أثر لها، ومع الاخبار الظاهرة في انقطاع الواقف عن العين الموقوفة، كقول أمير المؤمنين عليه السلام في وقف عين التي كانت في ينبع (هي صدقة بتابتلا) (3) والبت والبتل بمعنى القطع والانقطاع، وظاهره أنه عليه السلام قطع نفسه عنها ولم يبق له علاقة معها - مشكل جدا.