الواقف ويزول ملكه عنه أم لا؟
ظاهر المشهور هو الأول، بل ربما يظهر من كلام الغنية (1) والسرائر (2) الاجماع عليه، والظاهر عدم الدليل على ما ذهب إليه المشهور لأن الشهرة والاجماع المنقول لا اعتبار بهما، كما أثبتناه في محله، والاجماع المحصل أولا: ثبوته وتحققه غير معلوم.
وثانيا: على فرض ثبوته لا اعتبار به، لما ذكرنا في هذا الكتاب مرارا أن الاجماعات التي من المحتمل القريب أن يكون اعتماد المتفقين على مدرك أو مدارك ذكروها كما في المقام ليس من الاجماع المصطلح الذي أثبتنا حجيته في الأصول.
وأما كون تشريع الوقف لأجل إخراج عين الموقوفة عن ملكه - وجعله في سبيل الله - فهذه دعوى بلا بينة ولا برهان، بل ظاهر أدلة تشريع الوقف هو أن يجعل الواقف ماله الموقوف محبوسا في عالم التشريع والاعتبار عن وقوع التقلبات الاعتبارية عليه، ليبقى صدقة جارية على مر الدهور، ويجعل ثمرته في سبيل الله تعالى للموقوف عليه الذي عينه، ومن الواضح المعلوم أن مثل هذا المعنى لا يستلزم الخروج عن ملكه لا شرعا ولا عرفا وأما ما قيل: من أن فائدة الملك هو الانتفاع بثمرته أو وقوع التقلبات الاعتبارية عليه، فإذا لم يكن لا هذا ولا ذاك فاعتبار الملكية لغو، لان مورد الكلام هو الوقف المؤبد، وفى غيره لم ينكر المشهور عدم خروجه عن ملك الواقف، بل إما لم يخرج أصلا أو خرج موقتا ثم يعود كما في الحبس، بل وفي الوقف المنقطع الآخر.
وهذا الدليل وإن كان لا يخلو عن قوة ولكنه مع ذلك يمكن أن يقال: إن الملكية حيث أنها من الأمور الاعتبارية يمكن اعتبارها ولو كان لاثر اعتباري.
وأما ما قيل: من أنها صدقة ومن لوازم كون المال صدقة خروجه عن ملك