يجب أن يكون الموضوع فيهما واحدا بالدقة العقلية وإلا لا يجري الاستصحاب في الأحكام الكلية أصلا إلا من جهة احتمال النسخ، فيستصحب عدمه. وقد حققنا هذه المسألة في كتابنا (المنتهى).
ولكن فيه: أن هذا الوجه من تقرير الاستصحاب لا يفي إلا بالموارد التي يكون موضوع القضيتين - المتيقنة والمشكوكة - واحدا بنظر العرف وأما فيما لا يكون كذلك كما هو الأكثر في أبواب العبادات فإن حكم العرف بوحدة الحج المتعذر فيه الوقوف في الموقفين - العرفات والمشعر الوقوف الاضطراري والاختياري - مع الحج المتمكن فيه الوقوفان أو حكمه بوحدة صلاة فاقد الطهورين مع واجدهما أو أحدهما لا أثر له بعد العلم بأن الشارع يراهما متباينين حقيقة بل الوحدة العرفية ليست إلا بحسب الشكل فقط.
فليس للعرف طريق إلى تشخيص الوحدة بين المركب التام الاجزاء والناقص في أغلب العبادات، لعدم طريق له إلى معرفة الأركان وتميزها عن غيرها إلا بما صرح الشارع بركنيتها.
وهذا الاشكال يأتي في إجراء قاعدة الميسور أيضا وسنتكلم فيه إن شاء الله تعالى.
والحاصل: أن خطاب لا تنقض اليقين بالشك وإن كان تشخيص موضوعه بنظر العرف ولكن فيما يكون للعرف طريق إلى التشخيص لا فيما ليس لهم طريق إلى ذلك.
هذا مضافا إلى أن العرف أيضا ربما لا يرى الوحدة بين الفاقد للقيد والواجد له حتى فيما إذا كان المركب من الأمور العرفية فالاستصحاب بهذا الوجه لا يفي بجميع الموارد.
مع أنه يمكن أن يقال: إن القيد المتعذر لو كان من قبيل الشرط أو المانع فيحتمل أن يكون بنظر العرف من قبيل الواسطة في الثبوت لا الواسطة في العروض فيكون