الدين يكون ذلك تشريعا محرما ولا يستحق شيئا من الأجر والثواب، بل يستحق اللؤم والعقاب. ففيما نحن فيه أيضا يقال: حيث أنه لم يدل دليل على أن مثل ذلك الصوم أو مثل ذلك الحج مشروع فلو أتى به بعنوان العبادة وأنه مشروع يكون تشريعا ولا يستحق عليه شيئا من الأجر والثواب.
ثم إنهم ذكروا هاهنا وجوها أخر لمشروعية عبادات الصبي غير البالغ تركنا ذكرها، لكونها من الاستحسانيات التي لا يصح جعلها مدركا للحكم الفقهي، وفيما ذكرنا غنى وكفاية.
وما ذكرنا كان مدرك القول الأول القائلون بمشروعية عبادات الصبي غير البالغ كالبالغين، وأن الواجبات أيضا في حقهم مستحبات.
وأما مدرك القول الثاني - أي عدم مشروعية عباداتهم أصلا وأن الشارع أهملهم كالبهائم والمجانين - هو عموم حديث رفع القلم عنهم للواجبات والمستحبات، فكما أن الوجوب مرفوع عنهم كذلك الاستحباب أيضا مرفوع، لأنه لا شك في أن قلم التكليف عام يشمل الأحكام الخمسة كلها، والنفي وارد على هذا المعنى، فمعنى رفع القلم عنهم هو أن كلما يكون مندرجا تحت عنوان قلم التكليف فهو مرفوع عنهم، فرفع القلم مقابل وضع القلم.
فكما أن وضع القلم عند البلوغ معناه أن الأحكام الخمسة كلها تكتب في حقه، فكذلك معنى رفع القلم عدم كتابة شئ منها عليه، لا الوجوب ولا الاستحباب ولا الحرمة ولا الكراهة حتى ولا الإباحة بعنوان أنه حكم شرعي، فمع رفع القلم عنه وعن أفعاله لا يبقى مجال للقول بمشروعية عباداته واستحبابها، ولذلك ترى أن العرف إذا يقولون: إن فلانا مرفوع القلم، أي: لا اعتبار بأقواله ولا بأفعاله أي حاله حال البهائم.
والانصاف أن الحديث وإن كان ظاهره بحسب المتفاهم العرفي هو هذا المعنى