أنه يكون خبرا بفسق الشهود لئلا يقبل شهادتهم، ولذا يقبل الجرح سرا من واحد ولو كان شهادة لم يقبل، ولهذا لو عدلوا بعد الجرح تثبت عدالتهم وتقبل شهادتهم، ولو الجرح سرا شهادة مقبولة لسقوط عن حيز الشهادة ولم يبق لهم مجال التعديل، فثبت أنه إخبار لا شهادة، ونظيره سؤال القاضي المزكين عن المشهورة، فصار الحاصل أن الجرح المجرد لا يقبل في باب الشهادة إذا كان على وجه الشهادة جهرا بعد التعديل وإلا قبل. وأما في باب التعزير يقبل بعد بيان سببه.
ويخرج بذلك عن كونه مجردا.
تنبيه: سيأتي أن التعزير، يثبت بشهادة المدعي مع آخر وبشهادة عدل إذا كان في حقوقه تعالى لأنه من باب الاخبار، وظاهر كلامه هنا أنه لابد من شاهدين غيره، لأنه تعزير القاذف ثبت حقا لمقذوف، فإذا ادعى القاذف فسق المقذوف لا يكفي شهادته لنفسه فلا بد من إقامة البينة على صدق القاذف ليسقط عن التعزير الثابت حقا للمقذوف بخلاف ما كان حقا لله تعالى هذا ما ظهر لي في هذا المقام والسلام. قوله: (وأراد إثباته) أي لاسقاط الحد عنه: قوله: (لثبوت الحد) أي فكان الجرح ثابتا ضمنا لا قصدا فلم يكن مجردا لكن المناسب التعليل ببيان السبب، ويؤيد ما مر قبل هذا الباب عن الملتقط من أنه لو أقام أربعة فساقا يدرأ الحد عن القاذف والمقذوف والشهود، فعلم أن ثبوت الحد غير لازم، وهذا مؤيد لما حققناه آنفا يدرأ الحد عن القاذف والمقذوف والشهود، فعلم ما لم يثبت ضمنا. قوله: (حتى لو بينوا الخ) تفريح على قوله: (بلا بيان سببه). قوله (وكذا في جرح الشاهد) قد علمت الفرق بين البابين قوله (ويبغي الخ) قاله صاحب البحر قوله: (ليعزره) أي يعزر المقذوف ويسقط التعزير عن القاذف. قوله: (سأل القاضي المشتوم) أي ولا يطلب من الشاتم البينة في مثل هذا كمال في البحر. قوله: (من الفرائض) أراد بها ما يشتمل الواجبات كما ذكره بعد.
قوله: (ثبت فسقه) وينبغي أن يلزم التعزير، لما مر من أنه يعزر كل مرتكب معصية لاحد فيها.
قوله: (بيا كافر) لم يقيد بكون المشتوم بذلك مسلما لما يذكره بعد. قوله: (إن اعتقد المسلم كافرا نعم) أي يكفر إن اعتقده كافرا لا بسبب مكفر. قال في الذخيرة. المختار للفتوى أنه إن أراد الشتم ولا يعتقده كفرا لا يكفر، وإن اعتقده كفرا فخاطبه بهذا بناء على اعتقاده أنه كافر يكفر، لأنه لما اعتقد المسلم كافر فقد اعتقد دين الاسلام كفرا اه. قوله. (كفر) أي لان إجابته إقرار بأنه كافر فيؤاخذ به لرضاه بالكفر ظاهرا، إلا إذا كان مكرها. وأما فيما بينه وبين الله تعالى، فإن كان متأولا بأنه كافر بالطاغوت مثلا فلا يكفر. قوله: (فيكون محتملا) قال في الشرنبلالية: ويرجح خلافه حالة السب، فلذا أطلقه في الهداية وغيرها. قوله: (يا فاجر) يستعمل في عرف الشرع بمعنى الكافر