قلت: ومنه قول العوام في زماننا: لا أفعل كذا طول ما أنت ساكن. وفي البحر: لا أكلمه ما دام عليه هذا الثوب فنزعه ثم لبسه وكلمه لا يحنث، ولو قال: لا أكلمه وعليه هذا الثوب الخ حنث، لأنه ما جعل اليمين مؤقتة بوقت بل قيدها بصفة فتبقى ما بقيت تلك الصفة. قال لأبويه: إن تزوجت ما دمتما حيين فكذا فتزوج في حياتهما حنث، ولو تزوج أخرى لا يحنث، إلا إذا قال: كل امرأة أتزوجها ما دمتما حيين فيحنث بكل امرأة، وإن مات أحدهما سقط اليمين لان شرط الحنث التزوج ما داما حيين، ولا يتصور بعد موت أحدهما.
مطلب: لا أفعل كذا ما دام كذا قوله: (فخرج منها) أي بنفسه، بخلاف ما دام في الدار فإنه لا بد من خروجه بأهله، وهذا إذا لم ينو ما دامت بخارى وطنا له، فإن نوى ذلك فهو كالدار. قال في الخانية: حلف لا يشرب النبيذ ما دام ببخارى ففارقها ثم عاد وشرب، قال ابن الفضل: إن فارقها بنفسه ثم عاد وشرب لا يحنث، إلا أن ينوي ما دامت بخارى وطنا له، فإن نوى ذلك ثم عاد وشرب حنث لبقاء وطنه بها ا ه.
وفيها: والله لا أقربك ما دمت في هذه الدار لا يبطل اليمين إلا بانتقال تبطل به السكنى، لان معنى ما دمت في هذه الدار ما سكنت فيها، وما بقي في الدار وتد يكون ساكنا عند أبي حنيفة، وعندهما:
لا يكون ساكنا بذلك، والفتوى على قولهما. قوله: (لانتهاء اليمين ببيع البعض) الذي يظهر تقييده بما إذا كان يمكنه أكل كله، وقد تقدم ما يدل على ذلك أبو السعود: أي تقدم في قول الشارح كل شئ يأكله الرجل في مجلس أو يشربه في شربة فالحلف على كله وإلا فعلى بعضه.
أقول: ويظهر لي عدم الحنث مطلقا لعدم الشرط نظير ما قدمناه آنفا في ما دمتما حيين إذا مات أحدهما، ثم رأيت في الخانية علل المسألة بقوله: لان شرط الحنث الاكل حال بقاء الكل في ملك فلان ولم يوجد ا ه فافهم.
مطلب: لا أفارقك حتى تقضيني حقي اليوم قوله: (وكذا لا أفارقك حتى تقضيني حقي اليوم) أي وهو ينوي أن لا يترك لزومه، حتى يعطيه حقه بحر. قوله: (بل بمفارقته بعده) أي بل يحنث بمفارقته بعد اليوم دون إعطاء، وأما لو فارقه قبل مضي اليوم فهو كذلك بالأولى ولذا لم يصرح به، فافهم. قوله: (ولو قدم اليوم) أي بأن قال: لا أفارقك اليوم حتى تعطيني حقي فمضى اليوم ولم يفارقه ولم يعطه حقه لم يحنث، وإن فارقه بعد مضي اليوم لا يحنث لأنه وقت للفراق ذلك اليوم. بحر ووقع في الخانية ذكر اليوم مقدما ومؤخرا، والظاهر أنه لا فرق. قوله: (وإن فارقه بعده) مفاده أنه لو فارقه في اليوم لا يحنث، لكنه مقيد بما إذا قضاه حقه وإلا حنث، فالاطلاق في محل التقييد كما لا يخفى أفاده ح.
مطلب: حلف لا يفارقني ففر منه يحنث تنبيه: قيد بالمفارقة، لأنه لو فر منه لا يحنث، ولو قال لا يفارقني يحنث. خانية. وفيها لا أدرع مالي عليك اليوم فحلفه عند القاضي بر وكذا لو أقر فحبسه، وإن لم يحبسه يلازمه إلى الليل، ولو