من بيت المال من له عناء في الاسلام، ومن يقوى به على العدو ويعمل في ذلك بالذي يرى أنه خير للمسلمين وأصلح لأمرهم، وكذلك الأرضون يقطع الامام منها من أحب من الأصناف اه. فهذا يدل على أن للامام أن يعطي الأرض من بيت المال، على وجه التمليك لرقبتها كما يعطي المال، حيث رأى المصلحة، إذ لا فرق بين الأرض والمال في الدفع للمستحق فاغتنم هذه الفائدة، فإني لم أر من صرح بها، وإنما المشهور في الكتب أن الاقطاع تمليك الخراج مع بقاء رقبة الأرض لبيت المال. قوله: (وحينئذ) أي حين إذا كانت رقبتها ببيت المال وهذا ظاهر، وأما إذا كانت رقبتها للمقطع له كما قلنا، فلا شك في صحة بيعه وغيره.
مطلب في إجارة الجندي ما أقطعه له الامام قوله: (نعم له إجازته الخ) قال ابن نجيم في رسالته في الإقطاعات: وصرح الشيخ قاسم في فتوى رفعت له بأن للجندي أن يؤجر ما أقطعه له الامام، ولا أثر لجواز إخراج الامام له أثناء المدة، كما لا أثر لجواز موت المؤجر في أثناء المدة، ولا لكونه ملك منفعة لا في مقابلة مال، لاتفاقهم على أن من صولح على خدمة عبد سنة، كان للمصالح أن يؤجره، إلى غير ذلك من النصوص الناطقة بإبحار ما ملكه من المنافع، لا في مقابلة مال فهو نظير المستأجر، لأنه ملك منفعة الاقطاع بمقابلة استعداده لما أعد له، وإذا مات المؤجر أو أخرج الامام الأرض عن المقطع تنفسخ الإجارة لانتقال الملك إلى غير المؤجر، كما لو انتقل الملك في النظائر التي خرج عليها إجارة الاقطاع وهي إجارة المستأجر، وإجارة العبد الذي صولح على خدمته مدة وإجارة، الموقوف عليه الغلة، وإجارة العبد المأذون، وإجارة أم الولد اه.
تنبيه: المراد بهذه الإجارة إجارة الأرض للزراعة، لكن إذا كان للأرض زراع واضعون أيديهم عليها ولهم فيها حرث، وكيس ونحوه مما يسمى كردارا ويؤدون ما عليها لا تصح إجارتها لغيرهم، أما إذا لم يكن لها زارع مخصوصون، بل يتواردها أناس بعد آخرين ويدفعون ما عليها من خراج المقاسمة، فله أن يؤجرها لمن أراد، لكن الواقع في زماننا المستأجر يستأجرها لأجل أخذ خراجها لا للزارعة ويسمى ذلك التزاما، وهو غير صحيح كما أفتى به الخير الرملي في كتاب الوقف، وكذا في كتاب الإجارة في عدة مواضع، فراجعه. قوله: (وانتقل من أقطع له في زمن سلطان آخر) كذا في عبارة النهر، والظاهر أن قوله: انتقل بمعنى مات، ولو عبر به لكان أولى. قوله: (هل يكون لأولاده) أي هل تصير الأرض لأولاد المقطع له: عملا يقول السلطان ولأولاده؟ فإنه بمعنى إن مات عن أولاد فلأولاده من بعده فهو تعليق معنى.
مطلب في بطلان التعليق بموت المعلق قوله: (ومقتضى قواعدهم الخ) حاصل الجواب: أنها لا تكون لأولاده لبطلان التعليق المذكور بموت السلطان المعلق.