(من ذلك السبي للكافر) فسر اسم الإشارة بما ذكر ليفيد أنه راجع إلى المسألة الأولى دون مسألة الذمي، لأنهم إذا لم يملكوا الذمي إذا سبوه لم نملكه منهم، فافهم. قوله: (اعتبارا بسائر أملاكهم) أي كما نملك باقي أملاكهم وشمل ما إذا كان بيننا وبين المسببين موادعة، لأنا لم نغدرهم إنما أخذنا مالا خرج عن ملكهم، ولو كان بيننا وبين كل من الطائفتين موادعة كان لنا أن نشتري من السابين لما ذكرنا، إلا إذا اقتتلوا بدارنا، لأنهم لم يملكوه لعدم الاحراز فيكون شراؤنا غدرا بالآخرين، لأنه على ملكهم، وتمامه في البحر عن الفتح. وقوله: لم يملكوه لعدم الاحراز، يدل على اشتراط الاحراز في المسألة المارة، كما ذكرناه.
مطلب فيما لو باع الحربي ولده تنبيه: في النهر عن منية المفتي إذا باع الحربي هناك ولده من مسلم عن الامام لأنه لا يجوز ولا يجبر على الرد. وعن أبي يوسف أنه يجبر إذا خاصم الحربي. ولو دخل دارنا بأمان مع ولده فباع الولد: لا يجوز في الروايات اه: أي لان في إجازة بيع الولد نقض أمانه كما في ط عن الولوالجية.
قوله: (ولو عبدا مؤمنا) وكذا الكافر بالأولى، وكان الأولى التعبير بالقن ليخرج المدبر والمكاتب وأم الولد، فإنهم لا يملكونهم كما سيذكره المصنف، ومثل العبد الأمة كما في الدرر.
مطلب: يلحق بدار الحرب المفازة والبحر الملح قوله: (وأحرزوها بدارهم) ويلحق بها البحر الملح ونحوه كمفازة ليس وراءها بلاد إسلام، نقله بعضهم عن الحموي. وفي حاشية أبي السعود عن شرح النظم الهاملي: سطح البحر له حكم دار الحرب اه. وفي الشرنبلالية قبيل باب العشر: سئل قارئ الهداية عن البحر الملح أمن دار الحرب أو الاسلام؟ أجاب: إنه ليس من أحد القبيلين لأنه لا قهر لاحد عليه اه. قال في الدر المنتقى هناك: لكن قدمنا في باب نكاح الكافر أن البحر الملح ملحق بدار الحرب. قوله:
(ملكوها) هو قول مالك وأحمد أيضا، فيحل الاكل والوطئ لمن اشتراه منهم كما في الفتح لقوله تعالى: * (للفقراء المهاجرين) * (سورة الحشر: الآية 8) سماهم فقراء، فدل على أن الكفار ملكوا أموالهم التي هاجروا عنها، ومن لا يصل إلى ماله ليس فقيرا، بل هو ابن سبيل، ولذا عطفوا عليهم في آية الصدقات، وهذا مؤيد لما ورد من طرق كثيرة، وإن كانت ضعيفة تفيد هذا الحكم بلا شك، كما أوضحه وأطال في تحقيقه ابن الهمام. قوله: (لا للاستيلاء الخ) رد على الهداية حيث ذكر أن عند الشافعي لا يملكونها، لان الاستيلاء محظور، فلا يفيد الملك.
ولنا أن الاستيلاء ورد على مال مباح، لان العصمة في المال إنما ثبتت على منافاة الدليل، وهو قوله تعالى: * (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا) * (سورة البقرة: الآية 92) فإنه يقتضي إباحة الأموال وعدم العصمة، لكنها ثبتت لضرورة تمكن المالك من الانتفاع، فإذا زالت المكنة بالاستيلاء وتباين الدارين عاد مباحا كما كان اه. موضحا من العناية والفتح.