والقاضي العمل به وأما قوله جزم به بعض أصحاب المتون الخ ففيه أنهم ذكروا أولا قول الإمام لكون المتون موضوعة لنقل مذهبه ثم ذكروا قولهما وفرعوا عليه وأما قول السراجية إن المفتي يفتي بقول الإمام على الإطلاق ولا يتخير فذاك في غير ما صرح أهل المذهب بترجيح خلافه ولذا قال إذا لم يكن مجتهدا ولا شك أن أهل الاجتهاد في المذهب رجحوا قولهما فعلينا اتباع ترجيحهم وإلا كان عبثا كما رجحوا قولهما في المزارعة والحجر فثبت أن قوله مرجوح والقضاء بالمرجوح غير صحيح وأما ما أفتى به قارئ الهداية فقد أفتى نفسه بخلافه وقال لكن الفتوى على قولهما أنه لا يشترط للزومه شئ مما شرطه أبو حنيفة فعلى هذا الوقف هو الأول وما فعله ثانيا لا اعتبار به إلا إن شرطه في وقفه اه. وعن هذا قال في البحر ولو قضى الحنفي بصحة بيعه فحكمه باطل لأنه لا يصح إلا بالصحيح المفتى به فهو معزول بالنسبة إلى القول الضعيف ولذا قال في القنية فالبيع باطل ولو قضى القاضي بصحته وقد أفتى به العلامة قاسم وأما ما أفتى به قارئ الهداية من صحة الحكم ببيعه قبل الحكم بوقفه فمحمول على أن القاضي مجتهد أو سهو منه اه. فافهم.
تنبيه صريح كلام القنية المذكور أن البيع باطل لا فاسد قال المقدسي في شرحه وقد وقع فيه اختلاف وأفتى بعض مشايخ العصر بفساده ورتب عليه ملك المشتري إياه والصحيح أنه باطل وقد بينا ذلك في رسالة لما وقع الاختلاف في البلاد الرومية وأفتى مفتيها بسريان الفساد إذا بيع ملك ووقف صفقة واحدة وخالفه شيخنا السيد الشريف محيي الدين الشهير بمعلول أمير وألف جماعة من المصريين رسائل في ذلك حتى الشافعية كالشيخ ناصر الدين الطبلاوي لما وقع بين قاضي القضاة نور الدين الطرابلسي وقاضي القضاة محيي الدين بن إلياس اه. قوله: (وأفتى به) أي المصنف في فتاواه قوله: (تبعا لشيخه) أي صاحب البحر في فتاواه وقد علمت أنه في بحره ما ارتضاه قوله: (لكن حمله في النهر) أي تبعا للبحر كما علمت ومثل القاضي المجتهد من قلد مجتهدا يراه أفاده ح.
مطلب بيع الوقف باطل لا فاسد قوله: (لا يصح بيعه) يفيد أن إطلاق القاضي بيع الوقف لغير الوارث حكم ببطلان الوقف ويعود إلى ملك الوارث غايته أن بيع غير الوارث باطل لأنه باع ملك الغير لكن ينبغي أن يكون البيع صحيحا موقوفا على إجازة الوارث كما لا يخفى اه. ح لكن ليس في كلام الشارح ما يوجب البطلان لأن قوله لا يصح وقوله لا يجوز لا يقتضيه وليس في كلامه أيضا ما يقتضي بطلان الوقف بمجرد إطلاق القاضي بيعه لغير الوارث وقوله لأنه إذا بطل يعني بعد البيع قوله: (لما في العمادية باع القيم الخ) ينبغي أن يكون هذا في صورة الاستبدال اه. ح وعليه فالمراد بالمسوغ الشرعي وجود شرائط الاستبدال وقيد بأمر القاضي لأن الاستبدال إذا لم يشرطه الواقف لا يجوز لغير القاضي كما مر.