وتمامه في الفتح والزيلعي. وفي الاختيار: وما أصاب كل واحد من الفريقين من الآخر من دم أو جراحة أو استهلاك مال فهو موضوع لا دية فيه ولا ضمان ولا قصاص، وما كان قائما في يد كل واحد من الفريقين للآخر فهو لصاحبه. قال محمد رحمه الله تعالى: إذا تابوا أفتيهم أن يغرموا، ولا أجبرهم على ذلك لأنهم أتلفوه بغير حق، فسقوط المطالبة لا يسقط الضمان فيما بينه وبين الله تعالى، وقال أصحابنا: ما فعلوه قبل التحيز والخروج وبعد تفرق جمعهم يؤخذون به لأنهم من أهل دارنا، ولا منعة لهم كغيرهم من المسلمين، أما ما فعلوه بعد التحيز لا ضمان فيه لما بيننا اه.
قلت: فتحصل من ذلك كله أن أهل البغي إذا كانوا كثيرين ذوي منعة وتحيزوا لقتالنا معتقدين حله بتأويل سقط عنهم ضمان ما أتلفوه من دم أو مال دون ما كان قائما، ويضمنون كل ذلك إذا كانوا قليلين لا منعة لهم أو قبل تحيزهم أو بعد تفرق جمعهم، وتقدم أن ما أتلفه أهل العدل لا يضمنونه، وقيل يضمنونه وقدمنا التوفيق. قوله: (تبطل ديانته) أي تأويله الذي كان يتدين به وأسقطنا ضمانه بسببه، فإذا رجع ظهر أنه لا تأويل له فلا يرث ويضمن ما أتلف. وفي عامة النسخ ديانة بدون ضمير، وهو تحريف، والموافق لما في ابن كمال عن غاية البيان هو الأول. قوله: (عمدا) ليس في كلام الفتح، ولكن حمله عليه في النهر لأنه المراد بدليل التعليل. ثم قال في النهر: وينبغي أن لا يرث منه، وهذه ترد على إطلاق المصنف. قوله: (كما في المستأمن) أي كما لو قتل المسلم مستأمنا في دارنا. فتح. قوله: (لبقاء شبهة الإباحة) علة لعدم وجوب القصاص المفهوم من وجوب الدية اه ح.
مطلب في كراهة بيع ما تقوم المعصية بعينه قوله: (تحريما) بحث لصاحب البحر حيث قال: وظاهر كلامهم أن الكراهة تحريمية لتعليلهم بالإعانة على المعصية ط. قوله: (من أهل الفتنة) شمل البغاة وقطاع الطريق واللصوص. بحر.
قوله: (إن علم) أي إن علم البائع أن المشتري منهم. قوله: (لأنه إعانة على المعصية) لأنه يقاتل بعينه، بخلاف ما لا يقاتل به إلا بصنعة تحدث فيه كالحديد ونظيره كراهة بيع المعازف لان المعصية تقام بها عينها، ولا يكره بيع الخشب المتخذة هي منه، وعلى هذا بيع الخمر لا يصح ويصح بيع العنب، والفرق في ذلك كله ما ذكرنا. فتح. ومثله في البحر عن البدائع، وكذا في الزيلعي لكنه قال بعده: وكذا لا يكره بيع الجارية المغنية والكبش النطوح والديك المقاتل والحمامة الطيارة، لأنه ليس عينها منكرا وإنما المنكر في استعمالها المحظور اه.
قلت: لكن هذه الأشياء تقام المعصية بعينها، لكن ليست هي المقصود الأصلي منها، فإن عين الجارية للخدمة، مثلا والغناء عارض فلم تكن عين المنكر، بخلاف السلاح فإن المقصود الأصلي منه هو المحاربة به فكان عينه منكرا إذا بيع لأهل الفتنة، فصار المراد بما تقام المعصية به ما كان عينه منكر بلا عمل صنعة فيه، فخرج نحو الجارية المغنية لأنها ليست عين المنكر، ونحو الحديد والعصير لأنه وإن كان يعمل منه عين المنكر لكنه بصنعة تحدث فلم يكن عينه، وبهذا ظهر أن بيع الأمرد ممن يلوط به مثل الجارية المغنية فليس مما تقوم المعصية بعينه، خلافا لما ذكره