قلت: لكن صرح في التاترخانية بأن القبول شرط الحنث في القرض عند محمد ورواية عن الثاني، وفي أخرى لا، والرهن بلا قبول ليس برهن، ولو استقرض فلم يقرضه حنث. قال في النهر: وقيا س ما مر من أنه لم يلزمه نفسه إلا بما يملك ترجيح الرواية الأخرى، وينبغي أن يجري في الاستقراض الخلاف في القبول كالقرض ا ه.
قلت: يمكن دفع هذا القياس بالفرق بين ما فيه بدل مالي، وما ليس فيه، وأما الاستقراض فهو طلب القرض فيتحقق بدون إقراض. تأمل وسيأتي تمام هذا البحث في آخر الباب الآتي عند قول المصنف حلف ليهبن فلانا فوهبه له فلم يقبل بر بخلاف البيع. قوله: (وضرب العبد) لان المقصود منه وهو الائتمار بأمره راجع إليه، بخلاف ضرب الولد، فإن المقصود منه وهو التأدب راجع إلى الولد. نهر: أي الولد الكبير، أما الصغير فكالعبد كما مر، وقدمنا أن العرف خلافه.
قوله: (قيل والزوجة) قال في النهر: والزوجة قيل نظير العبد وقيل نظير الولد. قال في البحر:
وينبغي ترجيح الثاني لما مر في الولد، ورجح ابن وهبان الأول لان النفع عائد إليه بطاعتها له، وقيل إن حنث فنظير العبد وإلا فنظير الولد. قال بديع الدين: ولو فصل هذا في الولد لكان حسنا، كذا في القنية ا ه ح. قوله: (وإن لم يحسن ذلك) الأولى أن يقول وإن كان يحسن ذلك، وعبارة الخانية: حلف ليخطبن هذا الثوب أو ليبنين هذا الحائط فأمر غيره بذلك حنث الحالف، سواء كان يحسن ذلك أو لا ا ه.
قلت: وظاهره أنه لو تكلف ذلك بنفسه يحنث أيضا، وكذا لو حلف لا يختتن أو لا يحلق رأسه أو لا يقع ضرسه ونحوه ذلك من الافعال التي لا يليها الانسان بنفسه عادة أو لا يمكنه فعلها إلا بمشقة عظيمة، مع أن الظاهر أن اليمين في ذلك تنعقد على فعل المأمور لا على فعل نفسه، لان الحقيقة مهجورة عادة. ثم رأيت في البحر عن النوازل: لو قال لامرأته إن لم تكوني غسلت هذه القصعة فأنت طالق وغسلها خادمها بأمرها، فإن كان من عادتها أنها تغسل بنفسها لا غير وقع، وإن كانت لا تغسل إلا بخادمها وعرف الزوج ذلك لا يقع، وإن كانت تغسل بنفسها وبخادمها فالظاهر أنه يقع، إلا إذا نوى الامر بالغسل ا ه. فليتأمل قوله: (والذبح الخ) فلو حلف لا يذبح في ملكه شاة أو لا يودع شيئا يحنث بفعل وكيله لان المنفعة تعود إليه، وكذا لو حلف لا يعير، ولو عين شخصا فأرسل المحلوف عليه شخصا فاستعار حنث، لأنه سفير محض فيحتاج إلى الإضافة إلى الموكل فكان كالوكيل بالاستقراض خانية وفي جمع التفاريق أن الحنث قول زفر، وعليه الفتوى خلافا لأبي يوسف كما في النهر.
مطلب في العقود التي لا بد من إضافتها إلى الموكل قوله: (إن أخرج الوكيل الخ) راجع لقوله: والاستعارة كما هو في عبارة التاترخانية حيث قال: وهذا إذا أخرج الكلام مخرج الرسالة بأن قال: إن فلانا يستعير منك كذا، فأما إذا لم يقل ذلك لا يحنث ا ه. أي لأنه لو قال أعرني كذا يقع ملك المنفعة له لا للآمر فلا يحنث الآمر بذلك. وبه علم أن فائدة التقييد هي أن المراد بالامر هنا الرسالة لا الوكالة كما مر في الاستقراض. وأما ما كان من الافعال الحسية كالضرب والبناء فلا شبهة في أنه لا يحتاج إلى الاسناد، وبما قررناه سقط ما قيل