الجارحة لا يراد به نفس القوة بل اليد المقابلة لليسار وهي ذات والقوة عرض، فقد هجر فيه المعنى الأصلي وإن لوحظ اعتباره في المنقول إليه، وبهذا ظهر أن المناسب بيان معنى اليمين اللغوي المراد به الحلف ليقابل به المعنى الشرعي، وأما تفسيره بالمعنى الأصلي فغير مرضي، فافهم. قوله: (على الفعل أو الترك) متعلق بالعزم أو بقوى ط. قوله: (فإنه يمين شرعا) لأنه يقوى به عزم الحالف على الفعل في مثل إن لم أدخل الدار فزوجته طالق، وعلى الترك في مثل إن دخلت الدار. قال في البحر: وظاهر ما في البدائع أن التعليق يمين في اللغة أيضا، قال: لان محمدا أطلق عليه يمينا وقوله حجة في اللغة.
مطلب: حلف لا يحلف حنث بالتعليق إلا في مسائل قوله: (مذكورة في الأشباه) عبارته: حلف لا يحلف حنث بالتعليق إلا في مسائل: أن يعلق بأفعال القلوب أو يعلق بمجئ الشهر في ذوات الأشهر أو بالتطليق، أو يقول أديت إلي كذا فأنت حر، وإن عجزت فأنت رقيق، أو إن حضت حيضة أو عشرين حيضة أو بطلوع الشمس كما في الجامع اه.
قلت: وإنما لم يحنث في هذه الخمسة لأنها لم تتمحض التعليق. أما الأولى كأنت طالق إن أردت أو أحببت فلان هذا يستعمل في التمليك، ولذا يقتصر على المجلس. وأما الثانية كأنت طالق إذا جاء رأس الشهر أو إذا أهل الهلال المرأة من ذوات الأشهر دون الحيض فلانه مستعمل في بيان وقت السنة، لان رأس الشهر في حقها وقت وقوع الطلاق السني لا في التعليق، وأما الثالثة كأنت طالق إن طلقتك فلانه يحتمل الحكاية عن الواقع وهو كونه مالكا لتطليقها فلم يتمحض للتعليق. وأما الرابعة كقوله إن أديت إلي ألفا فأنت حر، وإن عجزت فأنت رقيق فلانه تفسير للكتابة. وأما الخامسة كأنت طالق إن حضت حيضة أو عشرين حيضة فلان الحيضة الكاملة لا وجود لها إلا بوجود جزء من الطهر فيقع في الطهر فأمكن جعله تفسير الطلاق السنة فلم يتمحض للتعليق، وحيث لم يتمحض للتعليق في هذه الخمس لا يحمل على التعليق حيث أمكن غيره صونا لكلام العاقل عن المحظور وهو الحلف بالطلاق، وإنما حنث في إن حضت فأنت طالق لأنه لا يمكن جعله تفسير للبدعي، لان البدعي أنواع، بخلاف السني فإنه نوع واحد، وحنث أيضا في أنت طالق إن طلعت الشمس مع أن معنى اليمين وهو الحمل أو المنع مفقود، ومع أن طلوع الشمس متحقق الوجود لا خطر فيه. لأنا نقول: الحمل والمنع ثمرة اليمين وحكمته، فقد تم الركن في اليمين دون الثمرة،، والحكمة والحكم الشرعي في العقود الشرعية يتعلق بالصورة لا بالثمرة والحكمة، ولذا لو حلف لا يبيع فباع فاسدا حنث لوجود ركن البيع وإن كان المطلوب منه وهو الملك غير ثابت اه ملخصا من شرح تلخيص الجامع لابن بلبان الفارسي، وبه ظهر أن قول الأشباه أو بطلوع الشمس سبق قلم والصواب إسقاطه، أو أن يقول: لا بطلوع الشمس، فافهم. قوله: (فلو حلف لا يحلف الخ) تفريع على كون التعليق يمينا، وقوله: حنث بطلاق وعتاق أي بتعليقهما، ولكن فيما عدا المسائل المستثناة، فكان الأولى تأخير الاستثناء إلى هنا كما مر في عبارة الأشباه.
(تنبيه): يتفرع على القاعدة المذكورة ما في كافي الحاكم: لو قال لامرأته إن حلفت بطلاقك