في عرف المتقدمين استعماله في أعم من ذلك وهو في القرآن كثير * (ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء) * (سورة الفرقان: الآية 81) قال في المصباح: وينبغي أن يكون كذا معناه يجب أو يندب بحسب ما فيه من الطلب اه.
مطلب في بيان نسخ المثلة قوله: (عن غدر) أن نقض عهد وغلول بضم الغين: الخيانة من المغنم قبل قسمته، ومثله بضم الميم اسم مصدر مثل به من باب نصر: أي قطع أطرافه وشوه به، كذا في جامع اللغة ح.
قوله: (أما قبله فلا بأس بها) قال الزيلعي: وهذا حسن، ونظيره الاحراق بالنار، وقيد جوازها قبله في الفتح بما إذا وقعت قتالا كمبارز ضرب فقطع أذنه ثم ضرب ففقأ عينه ثم ضرب فقطع يده وأنفه ونحو ذلك اه. وهو ظاهر في أنه لو تمكن من كافر حال قيام الحرب ليس له أن يمثل به، بل يقتله، ومقتضى ما في الاختيار أن له ذلك كيف وقد علل بأنها أبلغ في كبتهم وأضر بهم. نهر.
تنبيه: ثبت في الصحيحين وغيرهما النهي عن المثلة، فإن كان متأخرا عن قصة العرنيين فالنسخ ظاهر وإن لم يدر فقد تعارض محرم ومبيح، فيقدم المحرم ويتضمن الحكم بنسخ الآخر، وأما من جنى على جماعة بأن قطع أنف رجل وأذني رجل ويدي آخر ورجلي آخر وفقأ عيني آخر فإنه يقتص منه لكل، لكن يستأنى بكل قصاص إلى برء ما قبله، فهذه مثلة ضمنا لا قصدا، وإنما يظهر أثر النهي والنسخ فيمن مثل بشخص حتى قتله، فمقتضى النسخ أن يقتل به ابتداء ولا يمثل به. فتح ملخصا. قوله: (وغير مكلف) كالصبي والمجنون. قوله: (وشيخ خر: فإن) أصل المتن وشيخ فان لكن زاد الشارح لفظة خر فيكون عطف خاص على عام. قال في الفتح: ثم المراد بالشيخ الفاني: الذي لا يقتل من لا يقدر على القتال، ولا الصياح عند التقاء الصفين ولا على الاحبال، لأنه يجئ منه الولد فيكثر محارب المسلمين. ذكره في الذخيرة. زاد الشيخ أبو بكر الرازي أنه إذا كان كامل العقل نقتله، ومثله نقتله إذا ارتد، والذي لا نقتله الشيخ الفاني الذي خرف وزال عن حدود العقلاء والمميزين، فهذا لا نقتله، ولا إذا ارتد اه.
قلت: ومقتضى كلام الرازي أنه إذا كان كامل العقل يقتل وإن لم يقدر على القتال والصياح والاحبال ومقتضى ما في الذخيرة أنه إذا لم يقدر على ذلك لا يقتل، وإن كان كامل العقل، وهذا هو الموافق لما في شرح السير الكبير، وهذا الظاهر، لأنه إذا كان عاقلا لكنه لا يقدر على شئ مما ذكر يكون في معنى المرأة والراهب، بل أولى.
فصار الحاصل: أن الشيخ الفاني إن كان خرفان زائل العقل لا يقتل، وإن كان له صياح ونسل لأنه في حكم المجنون، وإن كان عاقلا لا يقتل أيضا إن لم يقدر على القتال ونحوه، وبه تعلم ما في كلام الشارح من عدم الانتظام، وكان عليه أن يقول: وشيخ فان، لا صياح ولا نسل له، أو خرفان لا يعقل فلا يقتل، ولا إذا ارتد. والمراد بمن لا صياح له: من لا يحرض على القتال بصياحه عند التقاء الصفين. قوله: (ومقعد وزمن) وكذا من في معناهما كيابس الشق ومقطوع اليمنى أو من خلاف، لكن نظر فيه الشرنبلالية بأنه لا ينزل عن رتبة الشيخ القادر على الاحبال أو الصياح اه.