ولا للقاضي أن يقول لهم افعلوا ذلك ولا أن يعينهم عليه، ولا يحل لاحد من المسلمين أن يعمل لهم فيه، ولا يخفى ظهوره وموافقته لقواعدنا.
مطلب: لم يكن من الصحابة صلح مع اليهود ثم نقل عن السراج البلقيني في كنيسة لليهود ما حاصله: أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم عند فتح النواحي لم يكن منهم صلح مع اليهود أصلا اه.
قلت: وهذا ظاهر، فإن البلاد كانت بيد النصارى، ولم تزل اليهود مضروبة عليهم الذلة، ثم رأيت في حاشية شيخ مشايخنا الرحمتي كتب عند قول الشارح في خطبة الامام بجامع بني أمية ما نصه: ثم نقض أهل الذمة عهدهم في وقعة التتار وقتلوا عن آخرهم، فكنائسهم الآن موضوعة بغير حق اه.
مطلب مهم: حادثة الفتوى في أخذ النصارى كنيسة مهجورة لليهود ويؤخذ من هذا حكم حادثة الفتوى الواقعة في عام ثمانية وأربعين بعد المائتين والألف قريبا من كتابتي لهذا المحل، وهي أن كنيسة لفرقة من اليهود تسمى اليهود القرايين مهجورة من قديم لفقد هذه الفرقة وانقطاعهم في دمشق، فحضر يهودي غريب هو من الفرقة إلى دمشق، فدفع له النصارى دراهم معلومة، وأذن لهم في بنائها، وأن يجعلوها معبدا لهم، وصدق لهم على ذلك جماعة من اليهود لقوة شوكة النصارى في ذلك الوقت، وبلغني أن الكنيسة المذكورة في داخل حارة لليهود مشتملة على دور عديدة، وأن مراد النصارى شراء الحارة المذكورة وإدخالها للكنيسة، وطلبوا فتوى على صحة ذلك الاذن، وعلى كونها صارت معبدا للنصارى، فامتنعت من الكتابة.
مطلب فيما أفتى به بعض المتهورين في زماننا وقلت: إن ذلك غير جائز، فكتب لهم بعض المتهورين طمعا في عرض الدنيا أن ذلك صحيح جائز. فقويت بذلك شوكتهم، وعرضوا ذلك على ولي الأمر ليأذن لهم بذلك حيث وافق غرضهم الحكم الشرعي، بناء على ما أفتاهم به ذلك المفتي، ولا أدري (1) ما يؤول إليه الامر وإلى الله المشتكى.
ومستندي فيما قلته أمور: منها ما علمته من أن اليهود لا عهد لهم، فالظاهر أن كنائسهم القديمة أقرت مساكن لا معابد، فتبقى كما أبقيت عليه، وما علمته أيضا من أن أهل الذمة نقضوا عهدهم لقتالهم المسلمين مع التتار الكفار فلم يبق لهم عهد في كنائسهم، فهي موضوعة الآن بغير حق، ويأتي قريبا عند قوله: وسب النبي (ص) أن عهد أهل الذمة في الشام مشروط بأن لا يحدثوا بيعة ولا كنيسة، ولا يشتموا مسلما، ولا يضربوه، وأنهم إن خالفوا فلا ذمة لهم.
ومنها: أن هذه كنيسة مهجورة انقطع أهلها وتعطلت عن الكفر فيها، فلا تجوز الإعانة على تجديد الكفر فيها، وهذا إعانة على ذلك بالقدر الممكن حيث تعطلت عن كفر أهلها.
وقد نقل الشرنبلالي في رسالته عن الامام القرافي: أنه أفتى بأنه لا يعاد ما انهدم من الكنائس،