وقد حبطت طاعاته وبدل له ما في التتارخانية عن السراجية: من ارتد ثم أسلم ثم كفر ومات فإنه يؤاخذ بعقوبة الكفر الأول والثاني، وهو قول الفقيه أبي الليث اه. ثم لا يخفى أن هذا الحديث يؤيد قول العامة: ولا ينافيه وجوب قضاء ما تركه من صلاة أو صيام ومطالبته بحقوق العباد لان قضاء ذلك كله ثابت في ذمته، وليس هو نفس المعصية وإنما المعصية إخراج العبادة عن وقتها وجنايته على العبد فإذا سقطت هذه المعصية لا يلزم سقوط الحق الثابت في ذمته، كما أجاب بعض المحققين بذلك عن القول بتكفير الحج المبرور الكبائر، والله سبحانه وتعالى أعلم.
قوله: (وما أدى منها فيه يبطل) في التتارخانية معزيا إلى التتمة: قيل له: لو تاب تعود حسناته؟ قال: هذه المسألة مختلفة، فعند أبي علي وأبي هاشم وأصحابنا أنه يعود. وعند أبي القاسم الكعبي: لا، ونحن نقول: إنه لا يعود ما بطل من ثوابه، لكنه تعود طاعاته المتقدمة مؤثرة في الثواب بعد. اه. بحر.
مطلب: لو تاب المرتد، هل تعود حسناته؟
وفي شرح المقاصد للمحقق التفتازاني في بحث التوبة: ثم اختلفت المعتزلة في أنه إذا سقط استحقاق عقاب المعصية بالتوبة هل يعود استحقا ثواب الطاعة الذي أبطلته تلك المعصية؟ فقال أبو علي وأبو هاشم: لا، لان الطاعة تنعدم في الحال، وإنما يبقى استحقاق الثواب وقد سقط والساقط لا يعود. وقال الكعبي: نعم لان الكبيرة لا تزيل الطاعة وإنما تمنع حكمها، وهو المدح والتعظيم فلا تزيل ثمرتها، فإذا صارت بالتوبة كأن لم تكن ظهرت ثمرة الطاعة كنور الشمس إذا زال الغيم.
وقال بعضهم - وهو اختيار المتأخرين -: لا يعود ثوابه السابق لكن تعود طاعته السالفة مؤثرة في استحقاق ثمراته وهو المدح، والثواب في المستقبل بمنزلة شجرة احترقت بالنار أغصانها وثمارها ثم انطفأت النار، فإنه يعود أصل الشجرة وعروقها إلى خضرتها وثمرتها اه. وهذا يفيد أن الخلاف بين أبي علي وأبي هاشم، وبين الكعبي على عكس ما مر، وأن الخلاف في إحباط الكبائر للطاعات لان هؤلاء الجماعة من المعتزلة. وعندهم أن الكبيرة تخرج صاحبها من الايمان لكنها لا تدخله في الكفر، وإن كان يخلد في النار، ويلزم من إخراجه من الايمان حبط طاعاته، فالكبيرة عندهم من هذه الجهة بمنزلة الردة عندنا، فيصح نقل الخلاف المذكور إلى الردة تأمل. قوله: (إلا الحج) لان سببه البيت المكرم وهو باق، بخلاف غيره من العبادات التي أداها لخروج سببها: ولهذا قالوا: إذا صلى الظهر مثلا ثم ارتد ثم تاب في الوقت يعيد الظهر لبقاء السبب وهو الوقت، ولذا اعتراض اقتصاره على ذكر الحج وتسميته قضاء، بل هو إعادة لعدم خروج السبب. قوله: (لأنه بالردة الخ) علة لقوله: ولا يقضي ولقوله: إلا الحج ط. قوله: (أصاب مالا) أي أخذ، وقوله: أو شيئا أي فعل شيئا الخ. ط قوله: (يعني المال المسروق لا الحد) الأولى ذكره عند قول المصنف يؤاخذ به وليس ذلك في عبارة الخانية ولا هو محل إيهام، لان قوله: أو حد مرفوع عطفا على فاعل يجب لا منصوب عطفا على مفعول أصاب حتى يحتاج للتأويل. قوله: (وأصله) أي القاعدة